الخصخصة». لا شك في أنّ حايك «تهوّر» في قوله، إذ لا يُعقل أن يخطئ الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة هذا الخطأ، إلا إذا كان يعنيه فعلياً، وهذا أكثر خطورةً وإثارة للهلع، فهل تفكّر «الدوائر المغلقة» في أن تُلزم الدولة بشراء الأصول بعد انتهاء مدّة عقد الشراكة، وهو ـــــ للتذكير ـــــ ما جرى تماماً عند فسخ عقدَي الشراكة بين القطاعين العام والخاص (BOT) مع شركتي FTML وLibancell اللتين فازتا عام 1994بمغانم الخلوي وحدهما، إذ إنّهما اختلستا نحو مليار دولار من حقوق الخزينة العامّة، إلى أن قرّر مجلس الوزراء، بتاريخ 14/6/2001، فسخ العقدين اعتباراً من 31/8/2002، أي قبل سنتين فقط من انتهاء المدّة التعاقدية، فاضطرت الدولة إلى تسديد تعويضات للشركتين بنحو 450 مليون دولار، علماً أنّ الشركتين نفسيهما بقيتا تديران شبكتي الخلوي حتى عام 2004 (أي حتى نهاية العقدين) وتجنيان أرباحاً طائلة!
يمكن الجزم بأنّ حايك لم يقصد ذلك، إلا أنّ بيانه أوحى بما يدفع إلى القلق الشديد، ولا سيما أنه استفاض في شرح الاختلاف بين «الخصخصة» و«الشراكة» ليزيد من مستوى القلق، إذ إنّ «الشراكة»، كما يشرحها، تنطوي على تحميل القطاع العام «المخاطر»، التي يجب أن يتحمّلها المستثمر من القطاع الخاص.

■ ■ ■

ليقُل جهابذة لبنان إنّ الشراكة مع القطاع الخاص لا تنطوي على شكل من أشكال الخصخصة، هذا شأنهم... ولكن هذا يخالف مصطلحَي «PPP» و«Privatization» في كل المصادر والمراجع الأكاديمية (التي لا تعني المسؤولين اللبنانيين المدهوشين بفرادتهم على مرّ العصور).
■ أ. س. سافاس، وهو حامل شهادتَي ماجستير ودكتوراه من جامعة كولوميا، له 15 كتاباً وأكثر من 130 مقالاً، ونُشرت كتبه في أكثر من 23 نسخة أجنبيّة. وهو رائد معروف عالمياً في القضايا الخاصّة بالخصخصة والشراكة. ويعمل الآن أستاذاً في كليّة الشؤون العامّة في جامعة مدينة نيويورك، وقد شغل منصب نائب أول في إدارة مدينة نيويورك، ومساعد وزير الإسكان والتنمية المدنية في عهد الرئيس رونالد ريغان.
يشرح في كتابه الشهير عن Privatization-Public Private Partnership (يمكن الحصول عليه من موقع Amazon.com) أنّ تعبير «الشراكة بين القطاعين العام والخاص» تعبير مرن يعكس شكلاً من أشكال الخصخصة. ويُعرّف تعريفاً أوسع بأنّه ترتيب تقوم خلاله الحكومة وكيان من القطاع الخاص، لأسباب ربحيّة أو غير ربحيّة، بالاشتراك في تنفيذ أو الشروع في تنفيذ نشاط (اقتصادي) ذي طابع عامّ تقليدي. ويخلص إلى أنه «رغم الغموض، يُعدّ تعبير الشراكة بين القطاعين العام والخاص مصطلحاً بديلاً يهدف استعماله إلى تجنّب التأثير السلبي لمصطلح الخصخصة على الذين يعارضونها إيديولوجياً».
■ أمّا موسوعة Britannica.com الشهيرة، فتعرّف الخصخ

الشراكة مع القطاع الخاص هي تأميم لا خصخصة!