الحديث اليوم والذي يشغل الصّحافة الألمانية ليس عن المنتخب. «المانشافت» قوي دائماً. السؤال يدور حول هوية الحارس الأول للمنتخب الألماني في نهائيات كأس العالم المقبلة، والتي ستستضيفها روسيا. «الصّراع» ما بين كل من الحارس الأول للمنتخب الألماني وثاني أفضل لاعب في المونديال الأخير، مانويل نوير من بايرن ميونخ، وبين الحارس المتألق أخيراً، وتحديداً مع نهاية الموسم الماضي وبداية موسم 2017/2018، حارس مرمى نادي برشلونة الإسباني مارك أندريه تير شتيغين. نوير ومع بداية الدّوري تعرّض لإصابة لا تقل عن إصابته الأخيرة التي تعرّض لها في كتفه في نصف نهائي دوري الأبطال أمام ريال مدريد. الجولة الخامسة من البوندسليغا حملت الخبر السيّئ والصّادم لكل الجماهير البافاريّة والألمانية خصوصاً. روسيا على الأبواب. وربّما هذه الإصابة قد تغلق الباب على نوير في الوصول إلى المونديال. كما يعلم الجميع، مانويل نوير قبل الإصابة كان يعد الحارس الأول في العالم أو على الأقل ما بين أفضل ثلاثة. العديد من حرّاس المرمى المنتشرين في الدوريات الأوروبية ظهروا فقط بعد إصابة العملاق (دي خيا من يونايتد، أليسون من روما، تير شتيغين من برشلونة).تير شتيغين حارس مرمى برشلونة هو أحد أفضل الحرّاس في هذا الموسم. حافظ حتى الآن على 17 مباراة بشباك نظيفة من أصل 28 مباراة لعبها مع النادي الكاتلوني في الليغا. أي بمعدّل 60%. لمن يشاهد الحارس الشاب ذا الـ25 عاماً يلاحظ بأن هناك تشابهاً ما بينه وبين زميله نوير في المنتخب. إتقان اللعب بالقدمين وطريقته في إخراج الكرة وإيصالها إلى خط الوسط تميّزه عن غيره من حرّاس المرمى. ولا عجب بأن بيب غوارديولا مدرّب مانشستر سيتي الحالي طلب من إدارة النادي التعاقد معه. ولكن برشلونة من جهته يعرف قيمة حارسه. بأخلاقية عالية، يقول تير شتيغين في تصريحه الأخير عن من سيكون الحارس الأول للمنتخب: «عندما يعود مانويل نوير سيكون بالتأكيد هو الرقم واحد، هو يستحق كل الاحترام». وأضاف: «أعتقد بأن الجميع يحاولون مساعدته للعودة إلى أدائه الرائع، فنحن فريق ونريد أن نكون ناجحين كمنتخب، لذلك نريد دفع بعضنا البعض». وكلام تير شتيغن، عن نوير، يتبعه «ثوابت» يواكيم لوف. مثله مثل كل المدربين، لديه ثوابت. هناك العديد من التداعيات تنتظر المدرب الألماني، في حال حاول «الخروج» عن ثوابته، وإقحام تير شتيغن أساسياً. الصحافة الألمانية وتحديداً البافارية، ستهاجم المدرب. تير شتيغين لاعب صغير في السّن ولم يختبر مباريات كأس العالم بعد، هذا الأمر من الممكن أن يشكّل لدى شتيغين «عاملاً نفسياً» يصعب التغلب عليه مقارنة مع نوير المعتاد على مثل «الأجواء» في النسختين الماضيتين. المسألة معقّدة. على الورق، نلاحظ بأن من يستحق أن يكون حارس الماكينات في المونديال هو تير شتيغين. ولم لا، ربّما يواكيم لوف مدرّب واقعي، ومن يتّصف بهذه الصّفة أكثر من الألمان. قد يقحم نجم برشلونة على حساب «العملاق»، من يعرف؟
بحسب صحيفة «بيلد» الألمانية، مانويل نوير عاد للتدريبات مرتدياً قطعتي قماش: القفازين. يواصل الحارس الألماني فترة تأهليه استعداداً لعودة طال انتظارها. ذكرت الصحيفة بأن نوير سيتدرّب على أرضية الملعب من منتصف شهر نيسان القادم، على أن ينضم إلى الفريق البافاري مع نهاية الشهر عينه. سيكون بايرن ميونخ، غالباً، حسم الدوري، وسيشارك نوير في مباريات سهلة نسبياً. وإذا لم تحدث مفاجأة، قد يستعيد مستواه. العملاق، بدأ مشواره مع نادي شالكه الذي ينافس بايرن هذا الموسم «من بعيد». لعب مع النادي الأزرق فترة سبع سنوات. برز نجم أحد أفضل الحراس في العالم مع ناديه الأوّل تحديداً خلال مشاركاته في دوري الأبطال. قدم موسماً استثنائياً في 2011 حيث وصل الفريق إلى نصف نهائي البطولة، كان لنوير دور كبير ومؤثّر، ثم أخرج مانشتسر يونايتد الفريق الألماني. وكما حال العديد من النجوم الألمان، انتهى المطاف بنوير حارساً لعرين الفريق البافاري بايرن ميونخ منذ 2012. فاز نوير تقريباً بكل الجوائز التي يحلم بها أي لاعب كرة قدم. كأس العالم، دوري الأبطال، الدوري الألماني، كأس ألمانيا، والسوبر الألماني.
من جهته بدأ الحارس الشاب تير شتيغين مسيرته مع فريق بوروسيا مونشنغلادباخ. ثلاثة مواسم قضاها بين أسوار ملعب «بوروسيا بارك»، قبل أن ينتقل إلى برشلونة، وهو لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره. بداياته مع النادي الكاتلوني لم تقتصر سوى على لعب مباريات دوري الأبطال وكأس الملك، بينما كان الحارس التشيلي برافو هو الأساسي. أداؤه في البطولة الأوروبية سنة 2015 بالإضافة إلى ثلاثي الـMSN التاريخي، أدخل الكأس الخامسة إلى خزائن الفريق الكتلوني. سنة 2016 كانت مشابهة لسابقتها، شتيغن للكأس والـ«شامبيونزليغ» وبرافو للليغا. الجدير بالذكر بأن برشلونة استقدم الحارس الشاب من ألمانيا وفي مخططاته بأنه الحارس الأساسي. وهذا ما حدث بالفعل سنة 2017 حيث ثبّت أقدامه كلاعب أساسي في أهم بطولتين يحارب عليها النادي في كل سنة: الدوري ودوري الأبطال.
ما يمكن ملاحظته في الحديث عن الحرّاس الألمان المنتشرين في عديد الفرق الأوروبية، بأن الأفضليّة والأولويّة للحارس الذي ينشط في فريق كبير. كيف يكون الفريق «كبيراً»؟ تير شتيغين من برشلونة، نوير من بايرن ميونخ. يبدو هذا واضحاً، إذ أنه، ورغم تقديم عديد الحراس الألمان أداء جيداً جداً يخوّلهم الدفاع عن ألوان «المانشافت»، إلا أن الأضواء تلعب دوراً مهماً في تحديد هويّة الحاس الأول. ليس تقليلاً من شأن كل من الكبيرين نوير وخليفته تير شتيغن، إلّا أنه لربما يوجد حرّاس آخرون قادرون على حمل المسؤوليّة. لكن في النهاية هناك برشلونة وهناك ميونخ، ما يبقي القليل من الأضواء، لفرقٍ مثل شالكه وهوفنهايم وليفركوزن.