سحمر من البلدات القليلة في لبنان التي لا تزال «منظمة العمل الشيوعي» تتمتّع فيها بقوة تجييرية، بصرف النظر عن حجم هذه القوة. وهي جزء من قوى اليسار في البقاع الغربي التي أدّت دوراً بارزاً في العمل النضالي والمقاوِم، سواء في الداخل اللبناني، أو في مواجهة العدو الإسرائيلي، خصوصاً منذ سبعينيات القرن الماضي. وفي الاستحقاقات البلدية السابقة، حضرت المنظمة ترشيحاً واقتراعاً، أو جزءاً من التوافق.والتوافق بين حزب الله وحركة أمل في هذه البلدة البقاعية سابق لاتفاقهما عام 2010. ففيما كان الحزب والحركة يخوضان معارك شرسة في شتى المناطق اللبنانية عام 2004، قررا تأليف لائحة توافقية في سحمر. وكانت للمنظمة عامذاك حصة في المجلس الذي فاز بالتزكية، فيما وافق الحزب السوري القومي الاجتماعي على البقاء خارج البلدية تسهيلاً للتوافق. وفي عام 2010، تكرر سيناريو التزكية، لكن في حضور القومي وغياب المنظمة. وفي المعركة الحالية، حاول حزب الله وأمل والقومي الذهاب إلى التزكية مجدداً، فعرضوا على المنظمة حصة في اللائحة، لكنها رفضت، وقررت خوض المعركة.
حزب الله: منافسونا هم أهلنا ومرشّحو المنظمة لهم تاريخ مقاوم

وبعيداً عن «منظمة العمل الشيوعي»، عبّر عدد من أبناء البلدة عن استيائهم من طريقة تأليف اللائحة التوافقية، «وعدم استشارتنا من قبل الأحزاب»، وقرر هؤلاء الترشّح. لا تبدي غالبية المعترضين امتعاضها من الأسماء المطروحة في اللائحة، لكنهم كانوا يفضلون لو أنها شملت عدداً أكبر من المستقلين (عضوان من أصل 15)، ولو أن معركة المختارين تُرِكَت من دون ترشيحات حزبية (مرشح عن حزب الله وآخر عن أمل وثالث عن القومي)، خصوصاً أن جميع المرشحين المستقلين مؤيدون للمقاومة وغير معادين للأحزاب الثلاثة.
لائحة التحالف المؤلفة من 15 عضواً (6 لحركة أمل و6 لحزب الله، وعضو القومي، وعضوان مستقلان)، ضمّت إلى أعضاء من المجلس البلدي الحالي وجوهاً شابة. وتقرر تقاسم رئاسة البلدية وفقاً لما جرى في المجلس الحالي (3 سنوات لمحمد الخشن من أمل، وثلاث لحسين كريم من حزب الله). وبحسب مصادر لائحة الأحزاب، فإن «منظمة العمل الشيوعي رفضت الدخول في التوافق بعد عرضنا عليها عضواً واحداً، بما يتناسب مع حجمها في البلدة، وفضّلت ترشيح ثلاثة أعضاء ومختار». ولفتت المصادر إلى أن «التحالف اختار 15 عضواً يمثلون أوسع شريحة ممكنة من العائلات والقوى السياسية، ولا يمكن في أي انتخابات إرضاء الجميع».
وفيما أكّد المنفذ العام للحزب القومي في البقاع الغربي نضال منعم لـ «الأخبار» أن «المنظمة تحاول القول إن المعركة إنمائية، بينما المعركة سياسية»، قال مرشّح المنظمة حسين موسى إن قرار الترشح جاء «بعدما طُرحت كافة الأسماء ووزعت الحصص بطريقة فوقية من دون العودة إلى الأهالي، أو إشراك المنظمة في الحوار حول هيكلية المجلس البلدي». ولفت إلى أن «الثنائي الحزبي لم يتعامل مع مطلب الأهالي بجدية، بل استمر بطرحه من دون محاولة تغيير». وأضاف لـ«الأخبار»: «يدنا ممدودة للجميع ولنا رأينا في كيفية هيكلة المجلس البلدي، لأن الأهالي تأففوا من آلية التوافق دون اعتماد الكفاءات والخبرات».
ويتعامل موسى مع الأرقام بواقعية عبر التأكيد أن اللائحة المقابلة هي الفائزة بلا شك، لكنه لفت إلى «أننا أصبحنا أمام خيارين: إما الرضوخ وأن نكون شهود زور، أو الرفض والذهاب إلى صندوق الاقتراع». وأضاف: «قوبل طرحنا بالتهويل أننا ضد المقاومة، وأننا نقبض أموالاً من الخارج. ونؤكّد أن مرشحينا مقاومون، وذنبنا أننا مستقلون ضد كل أحزاب السلطة الفاسدة».
وبالفعل، أشيع في البلدة أن مرشحي المنظمة مدعومون من تيار المستقبل، وتحديداً من النائب أمين وهبي، وهو ما تنفيه مصادر المنظمة جملة وتفصيلاً، وتؤكد أن بعض أعضائها «يقولون صراحة إنهم لا يقبلون مصافحة وهبي». واستفاد مروّجو الشائعات من تقرير نُشِر في جريدة «المستقبل»، محتواه مؤيد للمرشحين ضد لائحة حزب الله ــ أمل ــ القومي. ودفعت هذه الشائعات مسؤول قطاع البقاع الغربي في الحزب الشيخ محمد حمّادي، إلى القول لأعضاء الحزب في لقاء داخلي عُقِد الأسبوع الماضي: «إن كل المرشحين الذين ينافسون لوائحنا في البقاع الغربي هم من أهلنا وناسنا. ومرشحو المنظمة لهم تاريخ في مقاومة العدو الإسرائيلي، وهم يمارسون حقّهم بخوض هذه الانتخابات، وينبغي أن نتعامل معهم بصفتهم أهلنا».
وتتوقّع مصادر لائحة الأحزاب أن «تنال لائحتنا ما لا يقل عن 2300 صوت من أصل 4200 ناخب»، في مقابل «ما بين 200 إلى 300 لمرشحي المنظمة و6 مرشحين مستقلين آخرين». إلّا أن مصادر المنظمة لا تتوقّع أرقاماً، «فلنترك الخيار للصناديق والأهالي، فالمسألة ليست مسألة أرقام، بل مبدأ لتثبيت اللعبة الديموقراطية».