«ستقدم النيابة العامة ضدكِ لائحة اتهام، تتضمن حصولك على منافع شخصية عبر الاحتيال». الكلام وجهه المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيخاي مندلبليت، في بلاغ، إلى زوجة رئيس حكومته سارة نتنياهو، أمس، إذ يُشتبه بتورطها في أربع مخالفات فساد وصلت قيمتها إلى مئة ألف دولار أميركي.مخالفات سارة الأربع، المعروفة إعلامياً بقضية «مساكن رئيس الوزراء»، تندرج ضمن «خيانة الأمانة» والاحتيال.

وكانت قد خضعت على أثرها للتحقيقات لدى الشرطة الإسرائيلية، بتهم الحصول على منافع شخصية وصلت قيمتها إلى مئات آلاف الشواقل.
وعلى ما يبدو، فإن الزوجة «المثيرة للجدل»، والتي شغلت بال الإعلام الإسرائيلي بأدائها وحضورها، منذ تولي زوجها رئاسة الحكومة قبل أربع ولايات، تورطت في مخالفات عدّة عنوانها استغلال المكانة السياسية للحصول على المنافع الشخصية على حساب «الخزينة العامة». فقد نقلت زوجة نتنياهو إلى منزل رئيس الحكومة الخاص في مدينة قيسارية المهجرة، أثاثاً اقتني على أساس أنه معدّ لحديقة المقر الرسمي في القدس. كذلك استخدمت موظفة في مكتب زوجها لترعى والدها، الكبير السن، وكانت الموظفة تتلقى راتباً على أساس وظيفتها المسجلة في ديوان رئاسة الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، تُتهم سارة بأنها أنفقت ميزانيات ضخمة لشراء وجبات الطعام والضيافة على حساب الخزينة العامة، وتشغيل عامل كهرباء، من دون إجراء مناقصات، كما يرد في النصوص القانونية.

سارة نتنياهو متهمة بالتبذير على وجبات الطعام والضيافة

وبالعودة إلى بلاغ مندلبليت، فإن تقديم لائحة الاتهام يأتي بعدما رفعت نتائج التحقيقات إثر خضوع سارة للتحقيق «تحت التحذير». إذ تكفي إفاداتها بأن «تستخدم أقوالها ضدها في المحكمة»، على أن تحاكم فقط في قضية «التبذير على وجبات الطعام والضيافة» لعدم توفر الأدلة الكافية في باقي الملفات. إلى جانب الزوجة نتنياهو، ستُقدم لائحة اتهام ضد المدير العام لمكتب رئيس الحكومة، عيزرا سيدوف، المشتبه في القضية نفسها. إذ بحسب القانون، يمنع على سكان المقر الحكومي الرسمي طلب وجبات طعام من المطاعم، في الوقت الذي يعمل فيه طهاة داخل المسكن.
برغم ذلك، لا يزال رئيس الحكومة، الذي تحوم حوله قضايا فساد عدة، مستمراً في الدفاع عن قرينته، ونفي التهم الموجهة ضدها. فقد كتب على حسابه الخاص في موقع «فايسبوك» أن «سارة امرأة شجاعة مستقيمة ولا عيب في أفعالها»، متهماً مدير منزله السابق، ميني نفتالي، بأنه «كاذب ومجرم تسلسلي وهو المسؤول عن الإنفاق الحاد في وجبات الطعام»، في إشارة إلى كونه «شاهد ملك» في التهم الموجهة ضد سارة.
لكن، مهما يكن المصير الذي ينتظر سارة، يُشهد لها في أنها استطاعت خطف الأضواء والأنظار على مدى سنوات، وأن تستحوذ على أقلام الصحافيين والكتّاب الإسرائيليين، كما لم تفعل أي زوجة من زوجات الرؤساء السابقين للحكومات الإسرائيلية.
فهي كما وصفها أحد هؤلاء «قوة خفية»، و«خاصرة نتنياهو الرخوة»، علماً بأنها تشغل وظيفة هامشية في بلدية القدس، وتتلقى راتب ثلاث مئة دولار أميركي فقط! وليست في موقع اتخاذ القرار، إلا أنها بإجماع عدد من المحللين الإسرائيليين «هي من تقرر من يكون في موقع اتخاذ القرار».
السيدة التي احتلت هذا العام الموقع الأول للنساء الخمس الأقوى في إسرائيل، بدأت حياتها الفعلية مع نتنياهو عندما كانت تعمل مضيفة طيران على متن طائرة «إل - عال»، حيث كان رئيس الحكومة المستقبلي يستقلها إلى الولايات المتحدة الأميركية. وخلال حملته الانتخابية الأولى لرئاسة الوزراء، في منتصف التسعينيات، عجت الصحف الإسرائيلية بروايات حول تأثير سارة على «بيبي».
لاحقاً، يبدو أن الزوجة فضلت التأثير من وراء الكواليس، وفي العلن التطوع في النشاطات الاجتماعية، وزيارة الأطفال ومرضى السرطان. لكن ذلك لم يبعد الأضواء عنها، إذ شهد الكثير من العاملين في «إمبراطورية نتنياهو» أن تأثير سارة وسحرها أمر لا يمكن إيقافه، وبشهادة نتنياهو نفسه، «هي من جعله يعمل بجهد لتحرير الأسير السابق لدى حماس، جلعاد شاليط»، كما قال لصحيفة «بيلد» الألمانية في مقابلة عام 2011.
أحد المسؤولين الرفيعي المستوى مثلاً، عزا سبب تصنيف سارة من بين أقوى 50 امرأة إسرائيلية عام 2013 لمجلة «فوربس»، إلى كونها «نجحت في التدخل بكل التعيينات في محيط نتنياهو، سواء كانت تعيينات أساسية أو ثانوية».
ومع أن السيدة هي «الأقوى» و«الأشد تأثيراً» على مستوى النساء الإسرائيليات، لا بدّ من التذكير بفضيحة «الزجاجات الفارغة» التي لحقتها. إذ دأبت «المرأة الشقراء» على أمر العاملين في منزلها وفي مقر رئاسة الوزراء على جمع زجاجات المشروبات الكحولية الفارغة واستبدالها بمبلغ مالي في محال التدوير، بعدما كان قد سدد ثمن هذه الزجاجات من «الخزينة العامة». وكما هو معروف، انتهت هذه القضية بإرجاع سارة آلاف الشواقل المنهوبة إلى الخزينة.