الأخوة الأعداء
عدي رعد


فجأة من دون سابق إنذار وبسبب تغريدة أو تعليق لأحد قد يكون ممدّداً أو جالساً في مقهى يحتسي القهوة ويمسك بيده هاتفه، أو ربما اسمه «دايفيد» من وحدة الحرب الإلكترونية في الموساد الإسرائيلي، تندلع حرب لا تبقي ولا تذر بين من كانوا شعباً واحداً في بلدين، فتطيح بالتاريخ المشترك وبالجغرافيا وبكل علاقات القربة. هكذا، تذهب «فيروز» إلى الجحيم، وترتفع الحدود فتصبح مقولة «إن ما سهرنا ببيروت منسهر بالشام» أضغاث أحلام. كل ذلك يتبخر ويدور «الردح» والعبارات النابية والشتم في هذه المعركة الافتراضية.

تغرد نجمة تمثيل من هنا بشوفينية مرضية، لترد عليها نجمة من هناك باصطناع كبير لكمية من الحب المبالغ فيه في محاولة لإحراجها. قد تساعد في تأجيج هذه المشاعر أزمة النزوح السوري التي أرهقت اللبنانيين ولا بد لها من حل سريع، يتدلل باجتراحه صاحب السلطة بأمر سعودي أميركي للإفادة منه في مثل هذه الحروب الافتراضية لزرع الشقاق بين الشعب الواحد خدمة لمشروع التقسيم.
الأخوة الأعداء على مواقع التقاتل الاجتماعي في الواقع الافتراضي لهم حربهم. أما نحن، فلنا شهداؤنا الذين سقطوا في حلب والقصير وفي صحراء تدمر وفي كل أرجاء سوريا دفاعاً عنها. ولنا الشهداء الطيارون والجنود من الجيش العربي السوري الذين سقطوا في السلطان يعقوب وبحمدون وفي سماء لبنان دفاعاً عنه إبان الاجتياح الإسرائيلي. ولنا فيروز وصباح فخري، وكل الإبداع الفني اللبناني والسوري، ولنا لبنان وسوريا ومساجدهما وكنائسهما وأسواقهما العتيقة وتاريخهما المشترك، وسيبقيان إلى أبد الآبدين. اذهبوا يا صغار والعبوا بهواتفكم، واكتبوا ما شئتم من عبارات الشتم والتفرقة التي تنبع من خواء العقول الفارغة. ودعوا الكبار يستشهدون بسلام دفاعاً عن لبنان وسوريا.

◄ شكران مرتجى

أيُعقل أن نشتم ونهين شعباً كاملاً بسبب أفراد؟ لماذا هذا التعامل بفوقية مع السوريين دائماً؟ أهل سوريا، كما كل شعوب الأرض، فيهم من الخيّرين والسيّئين... من واجبنا جميعاً، وخصوصاً الفنانين منّا، أن نؤدي دوراً توفيقياً جامعاً. صحيح أنّنا بشر، لكن يجب ألا ندع عواطفنا وانفعالاتنا تتحكّم بنا. لأنّ صوتنا مسموع أكثر من غيرنا. لا بدّ من أن نكون صوت العقل وأن نحسب كلماتنا جيّداً. السوشال ميديا أداة مؤثّرة وخطيرة في آن معاً، ويا حبّذا لو نحوّلها إلى قلم رصاص ننشر من خلاله الوعي، لا إلى سكين نؤذي ونجرح به الآخرين، سيّما إذا كانوا يعانون من ويلات الحرب منذ سنوات. الاحترام والوعي هما الأساس! أنا فلسطينية الأصل، وأتكلّم باسم السوريين لأنّني لم أشعر يوماً بالغربة على هذه الأرض. لا أحد يمنّني بهذه الاستضافة... نحن أبناء وطن واحد، والعدو واحد والهواجس واحدة.

◄ رابعة الزيات

على الناشطين على صفحات السوشال ميديا الالتزام بالخطاب العقلاني والابتعاد عن الكلام الغوغائي خلال الحرب الافتراضية التي تقام حالياً بين الفنانين السوريين واللبنانيين. كذلك على المؤثرين في المجتمع سواء كانوا فنانين أو إعلاميين أو كتّاباً، تجنّب الحماس الزائد في التعليقات التي تدافع عن وجهة نظرهم، وعدم المبالغة في الدفاع عن الجيش أو التهجّم عليه بشكل عدائي. نعم يجب الدفاع عن بلادنا وجيشنا، لكن من دون المساس بكرامة الآخر أو الإساءة إلى الشعب السوري. هناك تاريخ وجغرافيا تربط لبنان وسوريا معاً، والتعميم مرفوض في هذه الحرب الافتراضية. في الحملة التي تقام للقضاء على الإرهاب حالياً، هناك اعتبارات كبيرة وخطوط عريضة لا يمكن التنازل عنها، لكني عموماً ضدّ فكرة التأليه لأيّ أمر ما. اللافت أن بعض اللبنانيين يتحمّسون بشكل مبالغ. هذه الحرب الافتراضية بين الفنانين تخدم المتطرّفين في الجهتين. الغوغائية تسيء إلى الفنانين وبالمختصر «بدنا نروق شوي».

◄ ريان الهبر

حالما وصلت إلى بيروت عائداً من تونس، صُدمت بكمية التعليقات العنصرية والتخوينية التي تغزو مواقع التواصل الاجتماعي. هناك من يريد إجبارنا على حسم موقفنا: إمّا أن نكون في صف الجيش اللبناني أو في صف اللاجئين السوريين! كأنّ المتعاطف مع الهاربين من نيران الحرب السورية يوضع تلقائياً في خانة «الإرهابيين»، فيما مؤيّد الجيش في معاركه ضد مجموعات إرهابية مسلّحة يصبح «عنصرياً» فوراً. اللجهة التي يتحدّث بها بعض الأصدقاء اللبنانيين والسوريين مخيفة حقاً... إلى أين نحن ذاهبون؟ الموضوع يشبه ما حدث بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 2005، حين انتشرت التصنيفات المتطرّفة. مَن أنتم لتصنّفوا الناس وتلبسونها ألواناً معينة؟ ارحموا الناس بالقليل من الوعي والحكمة، فالحقد الذي تزرعونه سيؤتي نتائج سلبية جداً، وسندفع ثمنه دماً وذلاً وأذية. ويا ليت لو يتنبّه الفنانون الذين يحرّضون ويجيّشون على السوشال ميديا، لأنّ لكلامهم تأثيراً كبيراً على متابعيهم الافتراضيين. من الأفضل أن يعطوا صورة متزّنة وحكيمة ويسهموا في تهدئة النفوس!

◄ رفيق علي أحمد

العنصرية آفة منبوذة إنسانياً. في ظل الأزمة العصيبة التي تمرّ بها المنطقة، لا شك في أنّ السوريين يعانون من ظروف عصيبة وقاهرة ترخي بظلالها على اللبنانيين أيضاً، لكن حلّها لا يتم بالشعارات والشعارات المضادة. من شأن التعليقات العشوائية أن تسهم في إشعال نار يسعى إلى تأجيجها أعداء اللبنانيين والسوريين. على السياسيين العمل في سبيل إيجاد الحلول المناسبة، سواء تلك المتعلقة بالمشكلات الداخلية، أو تلك التي تحول دون عودة اللاجئين إلى بلادهم. الأكيد أنّ الغالبية تريد العودة، فـ «حتى النملة تعشق ثقب الأرض». هكذا، يكون كل من يسهم في هذا الشرخ بين الشعبين، يعمل ضد مصلحة لبنان وسوريا، لأنّ هذا بركان سيدمّر كل شيء في حال ثورانه. لا بد لأصحاب العقول والمؤمنين بالوطن من أن يحكّموا لغة العقل والحكمة، لأنّ هناك مَن يعمل على إرساء عدم الاستقرار لغايات فئوية وحزبية وسياسية. الانقسام سياسي بين الكبار وليس بين الجماهير!

◄ بديع أبو شقرا

هي لعبة مخابراتية واضحة، أسهمت البروباغندا الإعلامية في إنتشارها، وأيضاً غياب الدولة التام. كان يجب عليها إيضاح ما حصل في عرسال من تحقيقات، وحقيقة وفاة السوريين الأربعة. هل هناك أناس ماتوا تحت التعذيب؟ لا أحد يعرف شيئاً. كان يجب على الجيش عدم نشر الصور عندما دخل الى هناك. الدولة مقصرّة في ملف اللجوء، وفي تنظيم المخيمات ونظام العمالة. لكن، ما يحصل اليوم، هو تحضير للمرحلة القادمة: إما لصدام داخلي أو إقليمي في ملف النزوح... وكل شخص في الدولة يلتزم الصمت، ولا يوضح شيئاً هو مسؤول.

◄ فادي صبيح

قال الحكماء قديماً إذا خالطت الجهّال فانصت لهم، وإذا خالطت العلماء فأنصت لهم، فإنّ في الإصغاء للجهل زيادة في الحلم، وفي سماع العلماء تكريساً للعلم. ربما على جميع الأشقاء سوريين ولبنانيين اليوم أن يعودوا إلى هذه القاعدة التاريخية المسبوكة بالذهب، ويطبّقوها، عساها تسهم في وأد الفتنة التي اندلعت بأيد خفية همّها حرف بوصلة العداء عن الكيان الصهيوني الغاصب، وخلق عداوة بين شعبين متجاورين وبلدين يشتركان بوحدة التاريخ والمصير. وهذا الكلام بعيداً عن الشعارات الرنانة واللغة المحنّطة، لأن التداخل بين سوريا ولبنان واقعي بدرجة عميقة لا يمكن تأطيرها بخطابات جوفاء. فليكن شعار المرحلة أن نتخطى كل انفعالية ونتجاوز هنّات بعضهم في التحريض، على اعتبار أن الجو العام مشحون، قد يدفع بعضهم للانفعال الزائد. دعونا نتسّلّح بما تبقى في أرواحنا من حب وسلام، ونجرّب دفع الخطاب الإعلامي خاصة عبر السوشال ميديا، نحو تضميد الجراح، واحترام دماء الشهداء التي دفعت للذود عنّا وعن أهلنا وأبنائنا في سوريا ولبنان معاً.