يحافظ #الزواج_المدني على الصدارة بين الهاشتاغات الأكثر تداولاً على تويتر في لبنان منذ عرض حلقة «العين بالعين» مساء أمس. في برنامجه الذي يُعرض كل خميس على قناة «الجديد» (21:30)، طرح طوني خليفة على طاولة البحث موضوعاً جدلياً ومهماً في بلد مثل لبنان: الزواج المدني. استكمالاً للأداء المتماسك والبعيد عن الإستعراض الذي يطبع إطلالته الأخيرة، قدّم الإعلامي اللبناني حلقة يمكن وصفها بالمتكاملة، تجمع بين وجهات نظر مختلفة في ظل إدارة جيّدة للنقاش.
على طاولة مستديرة واحدة، جمع خليفة الوزير السابق مروان شربل الذي وقّع يوم كان مسؤولاً عن وزارة الداخلية حوالي 13 عقد زواج مدني أبرمت على الأراضي اللبنانية، والإعلامي بولا يعقوبيان التي تزوّجت مدنياً في تونس وتعتبر مدافعة شرسة عن الموضوع، إضافة إلى القاضي الشرعي في محكمة جبل لبنان همام الشعار المعارض بشدّة لهذه القضية، والأب أتناسيوس شهوان المتخصص في الصورة والإعلام الذي يرى أنّه كرجل دين مسيحي «غير معني بالزواج المدني، كما لا يحق له تكفير أحد».
وفي الحلقة أيضاً، أجرى رئيس المجلس الكاثوليكي للإعلام، الأب عبدو أبو كسم، مداخلة هاتفية شرح فيها موقفه الرافض للزواج المدني، قبل أن يحل رواد غطّاس مكان الشيخ الشعّار على البلاتوه في القسم الأخير من الحلقة. غطّاس متزوّج مدنياً في لبنان، لكنه وزوجته من بين الذين رفض وزير الداخلية نهاد المشنوق تسجيل زواجهم. هكذا، اضطرا لاحقاً للزواج مجدداً في قبرص لكي لا تُعتبر إبنتهما «طفلة غير شرعية» بنظر الدولة اللبنانية!
كما لم تُغفل الحلقة الموقف الحاد لمفتي الجمهورية اللبنانية سابقاً محمد رشيد قباني تجاه المسألة، وكذلك رأي البطريرك بشارة الراعي المشابه.
إبتعد طوني خليفة عن الصوت المرتفع في إدارته للنقاش، فاسحاً المجال أمام جميع ضيوفه للتعبير عن آرائهم، من دون إطلاق المواعظ الأخلاقية التي كانت تشوب الكثير من حلقاته سابقاً، تاركاً موقفه الشخصي جانباً.
هكذا، استطاع الجمهور تكوين صورة واضحة عمّا يجري في لبنان بخصوص هذا الموضوع، بدءاً من تعطيل القانون الذي تبناه رئيس الجمهورية السابق الياس الهراوي، وصولاً إلى تكديس الزيجات المدنية المعقودة في لبنان في أدراج وزارة الداخلية، حفاظاً على العلاقة المتينة والمتداخلة بين رجال السياسة والدين في بلد تفتك فيه الطائفية السياسية.
شاهدنا الرأي المعارض المتطرّف، والرأي المعتدل، فيما رأينا الوزير مروان شربل مناصراً شرساً عن الحريات الفردية ورافضاً للأحكام التي يُطلقها رجال الدين على «مصير البشر في الآخرة»، ومطالباً بإقرار قانون أحوال شخصية مدني يحفظ حق الراغبين في الخروج من كنف الطوائف. وفي السياق نفسه، شددت بولا يعقوبيان على حرية الإختيار وحق من لا يملك قدرة مادية على الزواج مدنياً في الخارج أن يتمكن من ذلك في وطنه. مقدمة برنامج Inter-Views (الأربعاء ــ على «المستقبل»)، لفتت أيضاً إلى أنّ عدم مرور قانون أحوال شخصية مدني في مجلس النواب اللبناني مسألة سياسية خالصة، غامزة من ناحية السياسيين الذين يقولون شيئاً في مجالسهم الخاصة، ويصرحون بعكسه في العلن.
باختصار، حلقة «العين بالعين» مساء أمس كانت مثيرة للاهتمام، ولو أنّنا كنّا نتمنى الإطلاع على موقف مسؤولين حاليين أو حقوقيين عملوا/ يعملون في سبيل الوصول إلى نتيجة إيجابية.