وأنا أكتب لكِ هذه الرسالة ومشاهد الأطفال الغارقين في دمهم تحتل الشاشة، أقول في نفسي إنّه ليس أسهل من الكلام والتنظير من نيويورك. لكن رغم صعوبة المناظر التي أراها على الشاشة وأنتِ ترينها من بيروت، ورغم المأساة التي تحلّ بالأطفال والنساء في غزة، الا أنّه ما من طريق آخر. معليش، خلينا نعض عالجرح ونتحمل، وأرجو أن لا تتوقف المقاومة حتى النصر أو الشهادة للشعب الفلسطيني كله.
رغم الألم، الا أنّني أكون في غاية الفرح حين تكون هناك مقاومة فعلية كما فعل مقاومو لبنان عام ٢٠٠٦ وكما يجري الآن في غزة. وباقي الأيام هي أيام الحزن والاكتئاب.
هناك أمور كثيرة جداً يمكن أن يتخلى عنها الانسان من أجل أن يحيا، الا أنّه من الصعب العيش من دون كرامة. لعل هذه المعركة هي أول طريق العودة، وإن شاء الله ستكونين ضيفتنا الدائمة، بل إن لا ضيافة لأبطال لبنان وأهل لبنان المخلصين في فلسطين لأنّ البيت بيتهم وبدونهم، بدون كل أحرار العرب والعالم، لن تكون العودة ممكنة. وللعلم، تشتهر سحماتا بتينها وزيتونها وصبارها. فحضري حالك لأكل التين والصبار.

وقد أرسل لي الأخ محمد بكري صورة أرفقتها لك في «الميل»، لصبار سحماتا، وهي الآن قرية مدمرة وخالية من السكان. الا أنّ التين والصبار ما زالا ينبتان فيها، على أمل أن يأتي يوم ويأكل أصحاب الأرض من غلة ارضهم. الله كريم ولا طريق الا بالمقاومة. عجبك قديش غالي تين فلسطين؟ كان الله في عوننا جميعاً، خصوصاً أولئك في فم الوحش. ومهما طال الزمن، فان النصر سيكون للمقاومة لسبب بسيط واحد أنّه إن لم ينتصر العدل يوماً، فان الوجود على هذه الأرض يفقد معناه.