برازيليا | ضجّت أروقة مؤسسة «لولا الخيرية» مساء الأربعاء بعد صدور الحكم القضائي بسجن الزعيم العمالي لولا دا سيلفا لتسع سنوات ونصف سنة. فقرار القاضي سيرجيو مورو بالإدانة كان متوقعاً، إلا أن مدة الحكم فاقت كل التصورات، إذ إنّ القضية تعتريها ملابسات قانونية خطيرة.
هرعت قيادات حزب العمال إلى مبنى المؤسسة للتشاور مع دا سيلفا حول الإجراءات المفترض اتخاذها لتفادي الأسوأ. بدا الزعيم العمالي هادئاً، من دون أن يخفي امتعاضه وغضبه «المضبوط» مما سماه الظلم الواقع عليه. تحدث أمام المجتمعين بلغة وجدانية، وصفها أحد الحاضرين لـ«الأخبار» بخطاب الثورة الجديد. استعرض كل مراحل النضال الذي بدأ مع ثورة العمال إبان الديكتاتورية، واستذكر لحظات الاعتقال والتعذيب التي بفضلها هنِئت البرازيل بالحرية.

يدرك «العماليون»
أن فرص النجاة
أصبحت ضيقة

ربط بين الماضي وتحديات الحاضر، وذكّر الحاضرين: «هل توقعتم يوماً أن يصمت أعداؤنا أمام كل إنجازاتنا؟ أم ظننتم أن معركتنا انتهت حين ارتدينا الياقات وسكنّا القصور؟ المعركة الآن تبدو أصعب من سابقاتها، تستخدم فيها كل أسلحة الخداع والافتراء، تزج فيها العدالة كرهينة، لا خلاص لنا إلا بالنضال المستمر».
لم يشكّ الزعيم العمالي يوماً بأن ظاهرة القاضي سيرجيو مورو خلقت في الأساس لتهشيم التجربة العمالية التي قادها على مدى دورتين رئاسيتين واستكملتها وريثته ديلما روسيف التي لم تستطع إكمال دورتها الثانية بعدما أدينت بما أطلق عليه «جرم المسؤولية». فالرئيس الأسبق كان يعلم بأن الملف القضائي الذي تسلّمه القاضي الشاب منذ اللحظات الأولى للانقلاب الدستوري الذي أطاح حكم حزبه، العام الماضي، لم يرم فقط إلى إعاقة ترشحه لدورة رئاسية ثالثة، بل إلى عملية اغتيال سياسي شامل يستهدف الماضي والحاضر والمستقبل العمالي.
يدرك «العماليون» أن فرص النجاة أصبحت ضيقة، وأن عليهم مضاعفة المواجهة لتفادي تثبيت محكمة الاستئناف في بورتو أليغري الحكم، فتوصية القاضي بحرمان دا سيلفا من حقوقه السياسية ومنعه من الترشح لرئاسة البرازيل مجدداً ستقرها هيئة الاستئناف التي توصف بأكثر الهيئات تشدداً. وعليه، فإن الخلاص الأمثل من هذه الأزمة يكمن في تفكيك خيوط القضية التي استند فيها مورو إلى شهادات واستدلالات تحليلية، أبرزها شهادة السيناتور السابق ديليسيديو دي أمارال الذي ادعى ملكية دا سيلفا للشقة الفخمة في منطقة «كواروجا» شرق ساوباولو، في الوقت الذي رفضت فيها النيابة العامة شهادات أمارال التي تبيّن عدم صدقيتها.
لم تختلف نظرة فريق الدفاع الذي انضم إلى اجتماع قادة العمال عن رأي دا سيلفا، فالقراءة القانونية تؤكد أن قضية شقة «كواروجا» خاوية في مضمونها، لكنها خطيرة في استخداماتها السياسية، حيث إن الحزب اليساري، الذي استطاع التعاطي مع الأزمات السابقة بحكمة متعالية محتكماً إلى قرار المؤسسات، يجد نفسه محاصراً من قبل الجهات نفسها التي أدارت الانقلاب السابق.
ينظر المجتمعون إلى أنّ قرار القاضي سيرجيو مورو فتح معركة كسر العظم مع العماليين، ففي الوقت الذي فاحت فيه رائحة الفساد في القصر الجمهوري، صوّب القضاء سهامه باتجاه دا سيلفا، ما سيسمح للرئيس ميشال تامر بالتسلّل إلى البرلمان لتفادي إقالته ولفت الأنظار عن الأدلة الدامغة والتسجيلات التي أثبتت تورطه وحلفاءه في كبرى فضائح الفساد.
في خطابه أمام مناصريه وحلفائه، عصر أمس، وعد دا سيلفا مناصريه بأنه لن يكون خارج المشهد السياسي أبداً، و«أن الموت وحده سينهي مسيرته النضالية، ساخراً من الأدلة الواهية التي ساقها له القضاء»، داعياً حزبه إلى إطلاق ترشيحه كرئيس ابتداء من هذه اللحظة». أما في حديثه أمام المجتمعين، فقد رسم خطة الطريق القادمة إذا ما تماهت المؤسسات القضائية مع كيدية سيرجيو مورو. أما تفاصيل هذه الخطة، فقد اختصرها أحد الحاضرين لـ«الأخبار» بجملة: «إن صبرنا على الظلم نفد».