أسبوع المبرات في أيار من كل عام بات، منذ سنوات، تقليداً سنوياً في مدارس جمعية المبرات الخيرية للتركيز على عنوان تربوي محدد وتنظيم أنشطة متنوعة بشأنه.هذا العام، يطل الأسبوع على الدمج التربوي الذي يتيح الفرصة أمام ذوي الصعوبات التعلّمية لتحسين تحصيلهم الأكاديمي، وتأقلمهم الاجتماعي، وتعزيز شعورهم بالمسؤولية الذاتية، والإحساس المتزايد بتقدير الذات.

تجربة الجمعية في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة تعود إلى عام 1995 حيث دأبت المبرّات على تطوير برنامج للدمج بدأت بتطبيقه في ثانوية الكوثر، ثم امتدت التجربة لتطال مدارس المبرّات الـ 15، ومعاهدها المهنية الـ 6، وها هي اليوم تحتضن 1456 تلميذاً، تتنوّع حالاتهم بين الصعوبات التعلمية، عسر القراءة والكتابة، اضطرابات اللغة، اضطراب الإفراط الحركي وتشتت الانتباه، اضطراب طيف التوحد، متلازمة "داون"، والشلل الدماغي، ويتوزعون على صفوف متعددة، من مرحلة رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية.
حالياً، تسعى الجمعية إلى مأسسة التجربة لتضمن للتلامذة ذوي الصعوبات التعلّمية الانخراط الطبيعي في العملية التعليمية بما يتوافق مع قدراتهم وإمكاناتهم وحاجاتهم الخاصة، وقد أعدّت لذلك آليات عمل، ابتداءً من مرحلة إجراءات القبول والتسجيل، إلى البرنامج التربوي الفردي، وتقديم الخدمات العلاجية، كتقويم النطق، العلاج الحسي ـــ الحركي/ الانشغالي، العلاج الفيزيائي، العلاج النفسي، خدمات الصحة المدرسية، الخدمات الإرشادية، وصولاً إلى التقييم المستمر للتقدم المحرز عند ذوي الصعوبات، وقياس مؤشرات جودة العمليات المرتبطة بالدمج التربوي وتفسير وتحليل النتائج.

توجيه الأهل باتجاه تجنب الإنكار والرفض وإلقاء اللوم


لقد احتاج تطبيق برنامج الدمج داخل الصفوف في مدارس المبرّات إلى اعتماد نموذج التعليم التشاركي (Co-Teaching)، وهو أسلوب يقوم على تشارك كل من معلّمة الصف ومعلّمة التربية الخاصة بالعمل معاً في صف منتظم، وتكون المعلّمتان مسؤولتين عن: تخطيط سير الدرس، إعطاء الإرشادات، تحصيل التلامذة، التقييم والانضباط؛ وذلك للتقليل من مشاكل تخطيط البرامج ولاستدامة التواصل الفعّال بينهما. كذلك تحلل المعلّمتان محتوى المنهاج، وتحددان الحاجات الخاصة غير الأكاديمية ولكن المؤثرة على نجاح التلميذ في المدرسة، مثل الثقة بالنفس والتفاعل الاجتماعي.
ويتضمّن البرنامج، إضافة إلى المواد التعليميّة النظاميّة المعدّلة، مادة تقرير المصير (Self-Determination) التي تهدف إلى تعليم التلامذة ذوي الاحتياجات الخاصة كيفية الإدارة الذاتية لحياتهم. وهذه المادّة هي مزيج من المهارات والمعارف والمواقف التي تمكّن الشخص من الانخراط في سلوك ذي هدف موجّه، منظّم ذاتياً ومستقل، إلى جانب إيمانه بنفسه أنه قادر، فاعل ومدرك لأهمية العلاقة بين الجهد والنتيجة.
وفي موازاة ذلك شكّل التواصل مع الأهل مكوّناً أساسياً من مكوّنات برنامج الدمج التربوي، إذ يجري تزويدهم بالتدابير التي من شأنها حماية طفلهم، وتوعيتهم على معرفة النواحي الصحية التي ترتبط بحالته، والتثقيف حول أهمية الكشف والتعرّف المبكر إلى حالات الصعوبات التعلّمية، وكذلك تبني اتجاهات سويّة وتجنب الإنكار، الرفض والأسى، إلقاء اللوم وتدني مستوى التوقعات الوالدية من الابن أو الابنة، فضلاً عن تعريفهم بطبيعة الصعوبات وخصائصها النفسية والاجتماعية والجسمية والفكرية.
إن تبني المبرّات للدمج التربوي أتاح العديد من الشراكات مع مؤسسات المجتمع والدولة، ولا سيما الشراكة مع وزارة التربية لتسهيل التقدم للامتحانات الرسمية وتجهيز القاعات وتأمين الأدوات المساندة لذوي الاحتياجات الخاصة على تنوعها والمشاركة في اللجنة المكلفة من المركز التربوي للبحوث والإنماء لتعديل المناهج ووضع توصيف للامتحانات الرسمية للتلامذة ذوي الاحتياجات الخاصة.
*مدير قسم الإعلام في جمعية المبرات الخيرية