منذ نحو ثلاثة أسابيع دعيتُ، ربما عن طريق الخطأ، إلى لقاء في جامعة سيدة اللويزة ـــ فرع الكورة عن «واقع المدارس الخاصة في لبنان»، والذي أداره رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية عماد الأشقر ممثِلاً الوزير مروان حمادة، وحضره أمناء عامون ومديرون من جامعات ومدارس خاصة إسلامية وكاثوليكية وأورثوذكسية وبعض الأهالي.
اللقاء بدأ بعرض عام لبدايات التعليم الخاص في عام 1736 والتوسع والانتشار الذي شهده هذا القطاع في حقبات مختلفة. وكان كل شيء يسير على ما يرام إلى أن جرى الحديث عن وجود مدارس خاصة «متعثرة». وبدا لافتاً أن يتدخل الأشقر ليقول إنّ التعثر ناتج من تخلف الأهالي عن تسديد الأقساط المتوجبة عليهم، وأن يبدو مستميتاً في الدفاع عن حقوق إدارات المدارس وإسداء النصائح لها وتحريضها لرفع دعاوى على الأهالي غير القادرين على تسديد الأقساط لأسباب قاهرة، باعتبار أنّ مثل هذه الدعاوى يمكن أن تؤمن لكل مدرسة متأخرات لا تقل عن 400 مليون ليرة سنوياً، على حدّ تعبيره. المفارقة أنّ بعض هذه المدارس بات يستبدل المديرين التربويين بمديرين مصرفيين يوفرون المساعدة في تحصيل المتأخرات المالية وتعزيز وضع المدرسة كمؤسسة ربحية.
الأشقر لم يتردد في دعوة المدارس إلى التضامن في ما بينها من أجل رفض أيّ تلميذ يحمل حكماً قضائياً ولو مرت سنة أو أكثر على تركه المدرسة الخاصة. بل أكثر من ذلك طلب المسؤول التربوي من الإدارات رفع كتاب عبر مصلحة التعليم الخاص إلى وزير العدل، معرباً عن استعداده الشخصي لدعم مثل هذا الطلب من أجل وقف إعطاء الأحكام للأهالي والضغط من أجل عدم استقبال هؤلاء التلامذة في المدارس الرسمية أيضاً.
هذا الكلام استفز بعض المشاركين وأثار نقاشاً حامياً مع الأشقر. سأل ممثلو الأهالي عن الموازنات الضخمة والأرباح الطائلة غير المشروعة التي تجنيها مؤسسات مصنفة «خيرية» لا تبغي الربح. فكان رد الأشقر أن القانون 515 الخاص بالميزانيات المدرسية يسمح للإدارات بذلك وحاولنا تعديله على مدى ثلاث سنوات، لكننا لم نستطع أن نغير فيه حرفاً واحداً أو نقطة أو فاصلة، فأجابه أحدهم: «طبعاً بوجود أمثالك لن نستطيع أن نغيّر شيئاً».
النقاش تطرق أيضاً إلى انتخابات لجان الأهل وتأثير الإدارات عليها عبر ترشيح أقرباء موظفين أو منتفعين والإتيان بممثلين للإدارات وليس الأهل من أجل تيسير مصادقة الميزانيات المدرسية.
المشاركون خرجوا من اللقاء وهم يسألون أنفسهم: من هو عماد الأشقر ومن يمثّل؟ هل هو فعلاً موظف في إدارة عامة مؤتمنة على التعليم ومصالح الناس أم مجرّد حارس لإدارات المدارس الخاصة؟ هل يعلم الوزير مروان حمادة بما حصل في ذلك اللقاء وهل يوافق على ما قدّمه ممثله من اقتراحات ونصائح؟
إذا كان الجواب نعم فهذه مصيبة، وإذا كان لا فليبدأ من الآن بإصلاح وزارته وملاحقة الموظفين المقصّرين. باسمي وباسم ناشطين مستقلين من أهالي الطلاب في المدارس الخاصة، أدعو إلى تعديل فوري للقانون 515 والسماح للجان أهل حقيقية بالوصول وفتح جميع الملفات أمام القضاء الذي يجب أن يضع يده على الميزانيات التي تقدمها إدارات المدارس الخاصة إلى مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية والتي تحدّد على أساسها الأقساط، ووقف ابتزاز الأهالي بالقرطاسية والزي والكتاب المدرسي وإعادة تفعيل المجالس التحكيمية. ثمة سؤال بسيط: «كيف يعقل أن يتكبد الأهالي مصاريف التدفئة في إحدى المدارس الساحلية التي لا يوجد فيها أي وسيلة تدفئة لمجرّد أن مبلغاً بقيمة 105 ملايين ليرة ورد في موازنة هذه المدرسة؟».
*ناشط تربوي في الحراك المدني