مصر تواصل تطبيق وصفة «الصندوق»: زيادة تتبعها زيادة

القاهرة | رغم أن الحكومة المصرية أعدّت عدّتها جيداً لموعد زيادة أسعار الوقود، صباح الخميس الماضي، إلا أن مشهد ارتباك معتاد تواصل لليوم الثاني أمس، وسط استنفار أمني في الشوارع واتجاه لإرجاء زيادات أخرى لبعض الوقت، وخصوصاً في أسعار المترو والقطارات التي يرتادها مئات الآلاف من المواطنين يومياً. وجاء قرار الزيادة بعد يوم من انتقال الحكومة المصرية إلى مقرها الصيفي في العلمين الجديدة على ضفاف المتوسط، وعشية اجتماعات لـ«صندوق النقد الدولي» الإثنين المقبل، يفترض أن تقر صرف شريحة جديدة من قرض حصلت عليه الحكومة بقيمة 8 مليارات دولار، فيما تصل قيمة الشريحة الثالثة إلى نحو 820 مليون دولار، وهي أقل من قيمة المديونية التي يُفترض أن تسددها مصر للصندوق الشهر المقبل، وتتجاوز 900 مليون دولار. وكان مجلس «الصندوق» رفض مناقشة منح الشريحة تلك للحكومة المصرية في اجتماعاته بداية الشهر الجاري، بسبب عدم رفع أسعار الوقود وفق ما جرى الاتفاق عليه خلال زيارة بعثته التي راجعت مع المسؤولين الحكوميين في أيار الماضي، برنامج «الإصلاح الاقتصادي» الذي يجري تطبيقه، وسط طلب «النقد الدولي» زيادة في أسعار الكهرباء أيضاً، خلال النصف الأول من العام المالي الجاري.
وإزاء الاستياء الشعبي الذي أثاره القرار، وتكرار الشكاوى من سوء الأوضاع الاقتصادية، أطلقت الحكومة أبواقها الإعلامية للمقارنة بين أسعار المحروقات في مصر وباقي دول العالم، باعتبار أن «مصر من بين أرخص الدول إتاحة للبنزين». ومع ذلك، يبدي النظام تماسكاً في مواجهة المخاوف الشعبية من زيادة الأسعار، رغم التوقعات بإخفاق الحكومة في المحافظة على استقرار هذه الأخيرة، في حال الاستمرار في معدلات الزيادة المقررة. وبعدما كانت تستهدف الحكومة الوصول بمؤشرات التضخم إلى ما دون الـ20% بحلول نهاية العام الجاري، وفي العام المقبل إلى أقل من 10%، أعلن محافظ «البنك المركزي»، حسن عبدالله، أن تحقيق هذا الهدف الأخير جرى إرجاؤه إلى عام 2026، الأمر الذي يعكس استمرار التخبط في السياسات الاقتصادية، مع التعديل المستمر في أرقام الموازنة والمستهدفات.


وجاءت خطوة الحكومة الأخيرة أملاً في توفير نحو 36 مليار جنيه (745 مليون دولار) في موازنة العام المالي الحالي، التي ستشهد زيادتين على الأقل في أسعار المحروقات، في ظل السعي للتخلص من دعم المحروقات بشكل كامل، والذي وصل إلى 331 مليار جنيه في العام المالي الماضي. وفيما بلغت نسبة الزيادة نحو 100% منذ عام 2019 وحتى الآن، وسط استمرار تنفيذ عملية تحريك الأسعار بنسب متفاوتة، كان لافتاً غياب المسؤولين الحكوميين عن تبرير الزيادات التي مهّد لها رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، في مؤتمره الصحافي من دون الإعلان عنها. وتقول الحكومة إن لديها القدرة على إلغاء الدعم عن المحروقات بالكامل بحلول نهاية العام المقبل، عبر زيادات تدريجية تتم كل ثلاثة أشهر بشكل دوري، أملاً في الوصول إلى صفر إنفاق على دعم المحروقات في موازنة 2026 - 2027، وهو الأمر الذي يبدو مشابهاً لخطة 2016 التي فشلت بسبب تغيير سعر الصرف.
وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن الزيادات المتوقعة حتى نهاية العام الجاري «ستشمل تحريك أسعار المترو والمواصلات العامة والقطارات بالإضافة إلى بعض السلع التموينية، وربما تحريكاً جديداً في سعر رغيف الخبز المدعوم، إلى جانب مراجعة ملايين بطاقات التموين التي يحصل بموجبها أصحابها على دعم من الدولة». وستشمل الزيادات أيضاً، وفقاً للمصادر، «زيادتين جديدتين في أسعار البنزين قبل نهاية العام الجاري بنسب متفاوتة، مع أمل في إبقاء سعر برميل النفط عالمياً عند متوسط سعر 82 دولاراً كما هو محدد في الميزانية، لتجنب تنفيذ زيادات سعرية كبيرة، فيما تحدد اللجنة المعنية بأسعار البنزين نسبة الزيادة بناءً على عدة عوامل إنتاجية».

الأكثر قراءة

محتوى موقع «الأخبار» متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي 4.0©2025

.يتوجب نسب المقال إلى «الأخبار» - يحظر استخدام العمل لأغراض تجارية - يُحظر أي تعديل في النص، ما لم يرد تصريح غير ذلك

صفحات التواصل الاجتماعي