فادية حطيطفي النظرة السابقة تكلمت عن موقع المرأة في البرامج الانتخابية لقوى الرابع عشر من آذار. وظهر من كلام تلك القوى مدى عموميته واستعراضيته اللتين تنمان عن أغراض انتخابية بحتة. ولكن تجدر الإشارة إلى أن إدخال موضوع المرأة في سياق تلك البرامج لم يستلزم أي تحفظ أو توضيح أو مراجعة.
أما في الضفة الأخرى، أي لدى قوى 8 آذار، فثمة ملاحظتان أساسيتان يتوقف أمامهما القارئ، أولاً أنه ليس هناك وحدة جامعة بين مواقف هذه القوى تجاه قضية المرأة. والثانية هي أن مسألة المرأة تمثّل تحدياً جدياً لهذه القوى، فتضطر إما إلى إجراء تسويات أو إلى تفادي طرحها مباشرة. نقرأ في برنامج كتلة التنمية والتحرير على لسان رئيسها أنها ستسعى إلى «تخصيص ما لا يقل عن خمس أعضاء الندوة البرلمانية اللبنانية للمرأة. لماذا؟ لأن الأمر الذي نراه (والكلام للرئيس نبيه برّي) الآن من ترشيحات وندرة ترشيحات المرأة هذا الأمر معيب للبنان ولحضارته ولتقدمه... بالأمس كان لي شرف استقبال رئيس تيمور الشرقية وأبلغني أن أكثر من 35% من البرلمان هناك من النساء. وهذا الأمر يجب أن يبدأ ابتداءً من الانتخابات البلدية المقبلة». وبالطبع لم يتوقف الرئيس برّي ليشرح لنا لماذا لم يجر العمل بدءاً من هذه الانتخابات؟ ألم يكن الأمر مطروحاً وأصوات النساء اللبنانيات تعلو منذ زمن بعيد مطالبة بالمشاركة؟ أما «حزب الله» فيعدنا في برنامجه «بالعمل لتعزيز دور المرأة وتطوير مشاركتها، في مجالات الأنشطة السياسية والثقافية والتربوية والإعلامية والاجتماعية، والإفادة من هذا الدور في إيجاد التوازن النفسي والقيمي في المجتمع». ولكن البرنامج لا يقدم أي أمثلة عن هذه الأنشطة ولا أي اقتراح عن كيفية ترجمة هذا التوازن النفسي والقيمي عملياً. فهل مثلاً امتلاك المرأة حق إعطاء الجنسية لأطفالها يؤمن هذا التوازن أو يعمل ضده؟ هل إعطاء الأم المطلّقة حق الحضانة لفترة أطول مما هي الآن من شأنه الإخلال بهذا التوازن أم بالعكس يدعمه؟ أخيراً يتعامل برنامج «التيار الوطني الحر» مع موضوع المرأة وكأنه ليس مطروحاً على بساط البحث. من برنامج مفصل ومتبلور ويشمل 20 موضوعاً، وكل موضوع مفصل في صفحة كاملة لم يأت ذكر المرأة سوى مرة واحدة وعابرة، إذ ظهرت تحت عنوان التنمية الريفية عبارة «تطوير النشاطات الترفيهية ليستفيد منها السيّاح وسكّان الأرياف، لا سيّما منهم الشباب والنساء». وكان في البرنامج العديد من الصياغات التي كان يمكن موضوع المرأة أن يكون استكمالاً لها ولكنه لا يذكر. إلا أن التيار يعوّض عن هذا القصور بشكل غير مباشر من خلال الفقرة التالية «لبنان ملتزم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الفقرة ب من مقدمة الدستور)، ولكنه لا يلتزم هذا الإعلان في موضوع الأحوال الشخصية لأنها لا تراعي حرّية الضمير لدى المواطن (مع أني لست واثقة من مدى ارتباط حرية الضمير هنا بالمرأة تحديداً؟)... ويكمل داعياً إلى «العمل على إقرار القانون المدني للأحوال الشخصية» وفي الهدف الأخير ما يسد الرمق.