على الرغم من أنّ أغلب الفاعلين الرئيسيين في ليبيا متوافقون بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2018، للخروج من نفق الفراغ وفوضى «تعدد الشرعيات»، إلا أنه حتى الآن لم يحدث اتفاق حول آليات إجراء هذه الانتخابات، أو وضع موعد محدد لها (برغم الحديث عن احتمال إجرائها في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل). وبعد أشهر من إعلان «إخلاء سبيل» سيف الإسلام القذافي، الذي تُطالب المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمته، أعلن مقربون منه أمس، عزمه على الترشح إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة.في مؤتمر صحافي انعقد في تونس تحت عنوان «المهندس سيف الإسلام القذافي ومستقبل ليبيا»، أعلن «المكلّف البرنامج السياسي الإصلاحي» لسيف الإسلام، أيمن بوراس، نيّة الأخير بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي حديث إلى «الأخبار»، قال محامي سيف الإسلام، خالد الغويل، إنّ القذافي الابن «له رؤية للحل في ليبيا»، واصفاً مشروعه بـ«المشروع الوطني الذي يقود للحوار والمصالحة، وبناء الدولة العصرية دون إقصاء أو تهميش». وعن مكان وجود القذافي، أشار الغويل إلى أنّه «موجود في ليبيا، وهو حر طليق وله اتصالات مع القبائل والمدن الليبية... وقريباً جداً سيطل على الشعب الليبي». يُذكر أن سيف الإسلام لم يظهر إلى العلن منذ إعلان إطلاق سراحه من قبل فصيل في مدينة الزنتان، في حزيران/يونيو الماضي، برغم تسريب صورتين له قيل إنّها «في الجنوب».
وعن طبيعة علاقات سيف الإسلام بالقوى السياسية في ليبيا، تحديداً خليفة حفتر وفائز السراج، قال الغويل لـ«الأخبار»، إنّ الأخيرين «سبب بلاء ليبيا»، مضيفاً: «نحن مع مؤسسة عسكرية واحدة وأمنية واحدة ودولة اقتصادية، وهؤلاء هم من أخفقوا في إدارة البلاد وهم وراء الصراعات، وبالتالي أجنداتنا اليوم تقوم على الحوار الشامل بين الليبيين». وقال إنّ سيف الإسلام «مفوّض من القبائل الليبية، والمدن، لإدارة الحوار والمصالحة باعتباره وليّ دم للزعيم الراحل معمر القذافي».
محاميه لـ«الأخبار»: حفتر والسراج سبب بلاء ليبيا


أما في ما يخصّ علاقات سيف الإسلام الإقليمية راهناً، بخاصة في ظلّ وجود شخصية مثل حفتر يقوم جزء من شرعيتها على علاقاتها الخارجية، يؤكد خالد الغويل، أنّ لدى سيف الإسلام علاقات في الإقليم حالياً، لافتاً إلى أنّ «حفتر لديه مشاكل في المنطقة الشرقية، ورهان مصر والإمارات عليه سيكون خاسراً، لأنّ المؤسسة العسكرية لم تُوحَّد»، متحدثاً في الوقت نفسه عن «قناعة موجودة لدى ضباط وضباط صف، بأنّ العمل مع حفتر مستحيل لأنّه صاحب أجندات خارجية».
جدير بالذكر، أنّه في بداية العام الجاري، أعلن عبد المجيد المنصوري، الذي كان يشغل منصب رئيس «مجلس التنمية الاقتصادية» في «ليبيا القذافي»، أنّ سيف الإسلام «قرر الترشح للانتخابات الرئاسية»، مرجحاً وجود «فرصة كبيرة أمامه لأنّ كل القبائل الكبيرة تدعمه».
بالرغم من أنّ ثمة من يرى في هذه الأحداث «دعاية لعائلة القذافي لا طائل منها»، فإنّ مجمل التطورات تتسارع في وقت يواصل فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، جهوده للتوصل إلى حل سياسي. وفي 20 أيلول الماضي، كان سلامة قد أعلن وضع خريطة طريق لحلّ الأزمة الليبية، ترتكز على 3 مراحل رئيسية، وتشمل تعديل الاتفاق السياسي (الصخيرات)، وعقد مؤتمر وطني يهدف إلى فتح الباب أمام المستبعدين من جولات الحوار السابق، وإجراء استفتاء لاعتماد الدستور، وانتخابات برلمانية ورئاسية.
وكانت «الأخبار» قد نشرت في بداية الصيف الماضي، تقريراً بعنوان «القذافي يعود»، استندت فيه إلى عدد من المعطيات، وتساءلت ضمنه عن احتمال وجود صفقات إقليمية قد ساهمت في ذلك. وقالت في ذلك التقرير إنّ «البعض يفترض اليوم أنّ الأطراف الغربية التي يمكنها التأثير في ليبيا تُدرك أنه بات من الصعب التوصل إلى حل ليبي داخلي، وما يهمهم بات مسائل محددة على علاقة بضبط موجات الهجرة إلى أوروبا، وبملف داعش... وتتقاطع هذه الفرضية مع الاعتقاد بأنّ سيف الإسلام (قد) يُشكّل بديلاً من خليفة حفتر، يُمكن التوصل معه إلى حل سياسي».