بخطٍّ تصاعدي، يشقُّ الصراع الإيراني ــ السعودي في بلاد الرافدين مساره بشكلٍ هادئ، وسط ترويج عددٍ من القوى السياسية العراقية، على رأسها «التيّار الصدري»، لضرورة «الانفتاح» على الرياض، بمعزلٍ عن رؤية الحكومة الاتحادية من جهة، ومحاولة بعض قيادييه «تلميع» صورة الوزير السعودي لشؤون الخليج العربي (السفير السابق في العراق) ثامر السبهان من جهةٍ أخرى، وفق عددٍ من المصادر المتابعة.
الصورة «السيئة» التي رسمها السبهان لدى الأفرقاء العراقيين عن دوره المشبوه في تغذية الصراع الطائفي في العراق، يعمل «التيّار»، بإشرافٍ من زعيمه مقتدى الصدر، على إعادة رسم صورة مغايرة، بوصفه «وزير التقارب السعودي ــ العراقي»، و«مبعوث سلامٍ»، وفق ما ينقله أخصام الصدر، وذلك بهدف «لمّ الشمل العربي» مجدّداً، بالتوازي مع حرص الصدر على تصعيدٍ «سلس» ضد إيران، والتي «يرفض هيمنتها على الشارع العراقي، وقراره السياسي».
ما يُحكى في الأروقة السياسية، وتحديداً من قِبل أخصام الصدر، أن الأخير في المرحلة المقبلة، سيحاول أن يوازن في علاقاته بين طهران والرياض، مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي في أيّار 2018. فالقوى السياسية في صدد إطلاق حملاتها الانتخابية بشكلٍ رسمي، والرجل بحاجةٍ إلى تمويل حملته الانتخابية من جهة، وإلى حيازة دعم إيراني من جهةٍ أخرى، ليس حبّاً بطهران، بل ضرباً لغريمه نائب رئيس الجمهورية، الأمين العام لـ«حزب الدعوة» نوري المالكي.
ويروّج الصدر، وفقاً للمتابعين، لفكرة «وحدة البيت الشيعي» بعيداً عن المالكي من جهة بهدف إحداث ثغرةٍ في هذا «البيت»، من أجل «تسلّل سعودي» يتيح إيقاف النفوذ الإيراني، من جهةٍ أخرى. هذا «الابتزاز»، قد يدركه الإيرانيون «وقد لا» بتعبير مصادر عراقية، إلا أن التوجّه باحتضان الصدر، وإبقاءه داخل «البيت الشيعي» يبقى أولويّةً لدى القيّمين على الملف العراقي في دوائر القرار الإيراني.

ترفض الحكومة العراقية الاصطفاف وراء ابن سلمان
ضد إيران

وبعيداً عن إرادة رؤية الصدر، ومقاربته لـ«التعاون» العراقي ــ السعودي، من المرجّح أن يصل الرياض اليوم، وفد برلماني «رفيع المستوى» لإطلاق مرحلةٍ جديدة من التعاون بين البلدين.
وقال رئيس «لجنة الصداقة العراقية ــ السعودية» حسن خضير شويرد الحمداني إن «الرؤية الجديدة في السياسة العراقية كان مخططاً لها من قبل لجنة العلاقات الخارجية النيابية، منذ بدء الدورة البرلمانية في عام 2014»، مشيداً بـ«خطوات رئيس الوزراء حيدر العبادي في الانفتاح على جميع الدول، سواء العربية أو الإقليمية والدولية». وأضاف أن «اللجنة شكّلت وفداً من مختلف اللجان والكتل السياسية في البرلمان، وسيبدأ زيارة للسعودية، على أن تستمر أسبوعاً»، موضحاً أن «الزيارة ستتضمن توطيد العلاقات مع مجلس الشورى السعودي، وإعلان تشكيل (لجنة الصداقة السعودية ــ العراقية)؛ بهدف التعاون بين ممثلي الشعب من البلدين وتسهيل عمل الحكومات وإبرام الاتفاقيات، ما يحقق الفائدة والتواصل بينهما في المستقبل».
وأمام مشهد «الانبهار» العراقي، فإن العبادي، وإن بدا في بعض «الزوايا» متعاطفاً مع السعودي، فإن مقربين منه يؤكّدون أن رئيس الوزراء يرسم «شروطاً» على ذلك الانفتاح. وأشار القيادي في «ائتلاف دولة القانون» جاسم البياتي، إلى أن العراق يرفض زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في هذا التوقيت، فـ«الحكومة العراقية غير مستعدة في الوقت الحاضر لاستقبال ابن سلمان، ما دام هناك تصعيد سعودي ضد إيران ولبنان»، موضحاً أن «ابن سلمان يحتاج إلى دعم العراق، من أجل الاصطفاف معه ضد إيران، وهذا ما لم ولن يفعله العراق». وأضاف في تصريحات صحافية، أن «العراق سيتضرر من زيارة ابن سلمان في الوقت الحاضر، فلا بد من تأجيل الزيارة، لأن بغداد ترفضها في الوقت الحالي»، مبيناً أن «ابن سلمان قد أجّل كل زياراته لخارج السعودية بسبب الأوضاع الداخلية التي تشهدها المملكة، وهو يخاف ترك البلاد خوفاً من أي انقلاب ضده».
(الأخبار)