أوقف توشيل لاعبه أوباميانغ رغم نجوميته وذلك بسبب سفره إلى ميلانو
هكذا إذاً، في ملاعب أوروبا وألمانيا تحديداً لا "خيمة زرقاء" فوق أحد، ولا حصانة لأحد حتى لو كان اللاعب المعني نجم الفريق وهدافه، وغيابه يؤثر، وكيف إذا كانت المباراة ذات حساسية في دوري أبطال أوروبا ونتيجتها مهمة للتأهل وحتى للمنافسة على الصدارة مع ريال مدريد الإسباني، هذا دليل إضافي على العقلية الإحترافية في عالم الكرة في تلك البلاد حيث لا مزاح أو استسهال في هذه الأمور، وحيث الإنضباط والإلتزام هو الحاكم.
التصرف الإحترافي من توشيل قابله تصرف لا يقل شأناً من أوباميانغ، حيث إنه امتثل لقرار مدربه من دون أن يعترض عليه، بل أكثر من ذلك، فإنه لم يتأثر وسجل رباعية في المباراة التالية وكان احتفاله بها بتقديم الإعتذار لناديه ومدربه على ما بدر منه.
أما من جهة النادي، فكأن شيئاً لم يكن في اليوم التالي للمباراة، حيث أكد هانز – يواكيم فاتسكه، الرئيس التنفيذي لدورتموند، أن أوباميانغ في الفريق بمثابة النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في ريال مدريد.
النجم الألماني باستيان شفاينشتايغر لا يقل شأناً عن أوباميانغ لا بل يتخطاه إذ إن ما لقيه هذا اللاعب الكبير والقائد السابق لمنتخب ألمانيا لا يحتمل حين استبعده مدربه في مانشستر يونايتد الإنكليزي، البرتغالي جوزيه مورينيو، عن الفريق الأول من دون وجه حق وأرسله للتدرب مع الفريق الرديف للنادي، وهذا ما أثار الصدمة لدى كثيرين لما يحدث مع لاعب بحجم "شفايني"، إلا أن الأخير تماسك وأظهر الجانب الإحترافي في شخصيته بأنه امتثل لقرار المدرب حتى لو كان قاسياً ولم يردّ عليه بأي كلمة في وسائل الإعلام.
ولعل هذا التصرف سببه النشأة في ألمانيا، حيث يُلقَّن اللاعب هناك منذ أن يكون برعماً في الأكاديميات والفئات العمرية للأندية الإلتزام والإنظباط والسلوك الجيد، ما يجعله متشرباً لهذه العقلية التي تصبح صفة لا إرادية تحكمه عند دخوله معترك المنافسات ووصوله إلى النجومية، وهذا ما أظهره أخيراً مدرب منتخب ألمانيا تحت 19 عاماً، فرانك كرامر، عندما اتخذ قراراً قبل فترة بطرد لاعبَين من تشكيلته بعد حادث حريق في فندق أقام فيه المنتخب قبيل لقاء دولي مع نظيره الألباني ضمن تصفيات كأس أوروبا، عندما اكتشفت الموظفة في الفندق أن حريقاً اندلع في غرفة ضمّت اللاعبين فيتالي يانيت وأدريسا توريه بسبب تدخينهما النرجيلة.
هذا الحزم في التعاطي مع الأخطاء، وعدم مسايرة أصحابها، لا تتوقف ارتداداتهما على اللاعب وحده، الذي يدرك خطأه ويعده درساً له، إنما تنسحب على زملائه الذين سيعلمون أن مصيرهم سيكون مشابهاً اذا فعلوا الأمر عينه، وهذا في حقيقة الأمر ما يجب أن يكون معياراً يحكم عالم كرة القدم حتى تغيب المشاكل وتغلب الروح الرياضية دوماً على ما عداها.