وعلمت «الأخبار» أن المداولات بين عون وهؤلاء المصرفيين، وصلت إلى التوافق على آلية لوضع أموال العقارات المسيّلة في مصارف المراسلة بحيث تكون محمية ومضمونة لتعاد إلى المودعين مقابل استفادة المصارف من الفوائد، على أن يتم الأمر بإشراف النيابة العامة التي تودع لديها كتب يوقّعها المصرفيون وفيها تعهّد بتسديد حقوق المودعين.
شركة «كرول» كشفت في تحقيقاتها عن أموال كبيرة حُوّلت إلى حساب «الاستشارات» في مصرف لبنان بإشراف سلامة
وبحسب المعلومات، فإن بنك بيروت أعلن عن قرب الاتفاق مع أحد المهتمين بشراء عقارات يملكها بقيمة 37 مليون دولار، بينما بلغت قيمة العقارات التي عرضتها رئيس مجلس إدارة بنك ميد ريّا الحسن نحو 6 ملايين دولار، بعدما أكدت عدم توفر سيولة لدى المصرف لتسديد الأموال بحسب التعميم 158. في موازاة ذلك، استدعت عون رئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ على إثر الإخبار المقدّم من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، والذي أفاد بفقدان 60 مليار دولار من المصارف. وقد تم تزويدها بمعلومات مقابل أن تطلب من المصارف لائحة بكل التحويلات التي أجرتها من جهة، مع لائحة بأسماء جميع من سدّدوا ديوناً مترتبة عليهم بالدولار، لكنهم دفعوها بالليرة اللبنانية، مع اعتماد سعر صرف 1500 ليرة لبنانية للدولار.
عودة إلى «أوبتيموم»
أما الملف الأهم في أوراق القاضية عون، فهو المتعلّق بشركة «أوبتيموم» التي تولّت عمليات مالية لمصلحة مصرف لبنان. وقد أمكن لعون الحصول على معطيات كثيرة وذات حساسية عالية، ويفسر البعض ورود هذه المعلومات كسبب وراء الإسراع في البتّ بقرار فصلها. وعلمت «الأخبار» أن القاضية عون تبلّغت قبيل أسبوعين، معلومات تفيد بأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يضغط باتجاه تعيين جلسة قريبة لها بعد تطرقها إلى ملفات «حساسة» مستخدمة سلطتها كنائب عام؛ وهكذا ما حصل. وقد تم الأمر بالتضامن والتكافل مع الهيئة العليا للتأديب التي تتحمّل اليوم مسؤولية تجميد التحقيقات في سرقة أموال المودعين.
ولعل ملف شركة «أوبتيموم» الذي ركّزت عليه القاضية عون، هو السبب الرئيسي خلف أي قرار للإطاحة بها. وعلمت «الأخبار» أن عون استدعت منذ مدة الفريق الإداري الجديد للشركة الذي أبلغها أنه لجأ إلى شركة «كرول اسوشيتس» وهب شركة تدقيق مقرها بريطانيا، (وهي غير شركة «كرول» الأميركية) لإجراء تدقيق جنائي في حسابات الشركة، وسلّمها نسخة عن التقرير النهائي الذي أصدرته «كرول» في تشرين الثاني من عام 2023.
وبحسب مصادر مطّلعة على التقرير، فإن حصة «أوبتيموم اينفست» من العمولات جراء عقدها مع مصرف لبنان بلغت في عمليتين مختلفتين 11 ألفاً و696 دولاراً بينما تم تحويل الأموال الضخمة إلى حساب خاص في المصرف المركزي يُدعى حساب «الاستشارات» في فترات متتالية منذ عام 2014 وقد سجلت عمليات الحساب نحو 12 مليار دولار. وهو الحساب نفسه الذي كشفت عنه شركة «ألفاريز أند مارشال» في تقريرها حول مصرف لبنان، والتي أوضحت أن الحاكم السابق لم يسمح لها بالولوج إليه.
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن تقرير التدقيق الجديد، سيشكل خرقاً غير عادي في ملف سلامة ورفاقه، ويقود إلى تحوّل كبير في طبيعة التحقيقات التي كانت تقتصر على شركة «فوري» التي يملكها رجا سلامة شقيق الحاكم السابق.
«أوبتيموم» في سطور
«أوبتيموم انفست» هي الشركة المتعاقدة حصرياً مع مصرف لبنان، التي ساعدت المصارف على إخفاء خسارتها من خلال عملها كوسيط مالي يبيع سندات اليوروبوندز بأسعار تفوق أسعارها السوقية. في المقابل، قد حقّقت «أوبتيموم» أرباحاً مقابل صفقات المبادلة (SWAPS). ضمن عمليات صُنفت على أنها «مشبوهة». وكان أنطوان سلامة (مع زوجته وشقيقه) يتولون إدارتها. فيما كان الرجل القوي فيها، هو رجا أبو عسلي والمدير التنفيذي لمديرية التنظيم والتطوير في مصرف لبنان وأمين سرّ مجلس إدارة هيئة الأسواق المالية عبر زوجته التي تمتلك أسهماً في الشركة. وهو المعروف بـ»رجل الحاكم القوي». علماً أنه بعد استقالة هؤلاء من إدارة الشركة منتصف عام 2020، تملّك مصرف «لي بنك»
(levant investment bank SAL).
وتركّز التحقيقات ليس فقط على العمولات التي تقاضتها الشركة جراء العمليات التي نفّذتها بين مصرف لبنان والمصارف، وإنما على الحسومات التي حصلت عليها لشراء وبيع أوراق مالية (سندات، شهادات إيداع، سندات يوروبوندز...). وقد أورد تقرير التدقيق الجنائي، معلومات تتعلق بعمليات شراء وبيع للسندات خلال دقائق مع فروقات ضخمة في الأسعار، وقد استفادت منها «أوبتيموم» وأفادت آخرين لم تتضح هوياتهم بعد. كما أن التدقيق الجنائي لم يتوسع في عمليات هذه الشركة، بينما اقتصر تحقيق وحدة التدقيق في الأسواق المالية على العمليات التي تمّت خارج إطار تعاملات الشركة مع مصرف لبنان.