أعدّت أوجيرو دراسة جدوى حول مشروع إنشاء منصّة نقل المحتوى، التلفزيوني بشكل أساسي، عبر آلية تسمّى «OTT» أو (Over the top). عبر هذه المنصّة سيُمرّر المحتوى الذي ستقدّمه شركة «ميديا ستريم» أو أي شركة أخرى لديها محتوى حصري، وفقاً لسلّات أو باقات منافسة لما يقدّمه القطاع الخاص المرخّص وغير المرخّص. تستفيد المنصّة من أنه لدى أوجيرو 400 ألف مشترك بالهاتف الثابت والإنترنت، وتقدّر أن تبلغ إيراداتها من المنصّة بمعدل 15% من مجموع مبيعات السلل أو باقات المحتوى لتصل حصّتها السوقية إلى 200 ألف مشترك بعد عشرة سنوات بإيرادات تبلغ 15 مليون دولار.بمعزل عن الاسم التقني لهذه الخدمة (OTT)، فإنّ «أوجيرو» ستنشئ منصّة خدمات محتوى سيكون اسمها «Ostream». وستتعاقد «أوجيرو» مع مقدّمي هذه الخدمات لتبثّ للمشتركين باقات من المحتوى الحصري مثل: Netflix, Max, beIN, Disney, Paramount, Show Time, OSN... كل باقة هي نتاج عقود حصرية بين صاحب المحتوى الأصلي أو الشركة المنتجة، مع مقدّم خدمات محلّي وتُمرّر عبر المنصّة. وحتى الآن قدّمت شركة واحدة هي «ميديا ستريم» اقتراحاً لبثّ المحتوى بواسطة التقنية المذكورة بعدما حصلت على عقود أولية حصرية من مجموعة من مقدمي منتجات المحتوى التلفزيوني أبرزها العقد مع beIN. علماً أن هذه الشركة هي نتاج ثلاث مؤسسات لديها تراخيص بثّ تلفزيوني في لبنان (نيو تي في، أل بي سي، أم تي في) ويديرها بنجامين حجّار.

(هيثم الموسوي)

يحتاج تقديم هذه الخدمة إلى الإنترنت، وبالتالي فإن استهلاك الإنترنت هو أساس في هذه العملية. لذا، فإن الأمر بالنسبة إلى أوجيرو يصبح أسهل للمنافسة مع مقدمي الخدمات المماثلة، طالما أن لديها قاعدة واسعة من المشتركين، وطالما أنها هي التي تقدّم لهم خدمة الإنترنت، إذ يتيح لها ذلك تقديم باقات تقوم على استهلاك الداتا والمحتوى معاً وبشكل منافس. وبحسب دراسة «أوجيرو» فإن حجم هذه السوق يقدّر بنحو 1.1 مليون مشترك، منهم 400 ألف مشترك في خدمات الإنترنت لدى أوجيرو و 700 ألف لديهم خدمة الإنترنت عبر الموزّعين غير الشرعيين.
هذه القاعدة الواسعة من الزبائن، ستُتيح لـ«أوجيرو» أن تزيد العدد الإجمالي للمشتركين في منصّة Ostream إلى 24 ألف مشترك في السنة الأولى وصولاً إلى 109 آلاف مشترك في السنة العاشرة على أن لدى أوجيرو اختراقاً غير مباشر في السوق يتيح لها الاستفادة من 46 ألف مشترك في السنة الأولى و200 ألف مشترك في السنة العاشرة. كلفة السنة الأولى على أوجيرو تبلغ 165 ألف دولار و1.5 مليون دولار في السنة العاشرة، وهذه الأرقام محتسبة على أساس استهلاك شهري يبلغ 400 جيغابايت بمعدل 0.0029 دولار لكل جيغابايت. (المشترك عبر منصّة أوجيرو لن يدفع ثمن الإنترنت الذي يستهلكه لمشاهدة المحتوى، بل سيدفع مقابل سلّة أو باقة محتويات فقط).
ستتشارك «أوجيرو» مع مقدمي الخدمات المحليين، الإيرادات الناتجة من الاشتراكات بمعدل 15% من المبيعات. ويقدّر أن تبلغ إيرادات «أوجيرو» المتوقعة في أول سنة بعد إطلاق المشروع، 1.7 مليون دولار، وتزداد سنوياً حتى تصل بعد 10 سنوات إلى 15 مليون دولار من أصل سوق تقدّر قيمتها الإجمالية بنحو 32 مليون دولار.
وبحسب الدراسة، فإن المنافسين غير الشرعيين يستحوذون الآن على أكبر حصة من السوق بنسبة 81% وبقيمة إيرادات تصل إلى 25.9 مليون دولار (الحسابات أجريت على أساس أن 400 ألف من أصل 700 ألف لديهم خدمات مماثلة) على أساس أن متوسط الاشتراك يبلغ 4.5 دولارات شهرياً. أما المنافسون الشرعيون فهم: «cable vision» (مملوكة من شركة GDS) ويقدّر أن إيراداتها ستبلغ 5.1 ملايين دولار في عام 2024 على أساس أن متوسط الاشتراك تبلغ 9.5 دولارات شهرياً، وsamaflix/digitech (مملوكة من محمد منصور) قد تصل إيراداتهم إلى 700 ألف دولار في 2024 على أساس أن متوسط الاشتراك 6 دولارات شهرياً.
ستتشارك «أوجيرو» مع مقدمي الخدمات المحليين، الإيرادات الناتجة من الاشتراكات بمعدل 15% من المبيعات


تُشير الدراسة إلى أن المنافسين غير الشرعيين يقدمون محتوى دولياً ومحلياً ورياضياً مقرصناً بمعدل اشتراك شهري يُراوح بين 3 دولارات و5 دولارات للمشترك الواحد، علماً أن جودة المحتوى سيئة جداً. أما بالنسبة إلى «samaflix» التي تقدّم محتوى مقرصناً ضمنه المحتوى الرياضي المقرصن (تلقت وزارة الاتصالات عدّة رسائل من شركات مثل beIN وقنوات فرنسية وسواهما تطلب منع سمافليكس من بثّ المحتوى المقرصن)، فمعدل الاشتراك لديها يُراوح بين 5 دولارات و7 دولارات بجودة عادية. لكن «cable vision» هي أفضل لجهة جودة المحتوى إنما بمعدل اشتراك شهري يُراوح بين 7 دولارات و12 دولاراً.
الباقات الخاصة التي ستقدّم عبر Ostream هي: الباقة الأساسية باشتراك شهري يبلغ 4 دولارات لقاء إمكانية مشاهدة محطات محليّة ومحتوى دولي. تتوقع الدراسة أن يكون عدد المشتركين في هذه الخدمة 67% من إجمالي المشتركين. والباقة المميزة باشتراك شهري يبلغ 8 دولارات فيها الباقة الأساسية، إضافة إلى محتوى رياضي وخدمة فيديو عند الطلب (VOD)، وتتوقع الدراسة أن يكون عدد المشتركين في هذه الخدمة 33%.
علماً أن الاشتراك مخصص لجهاز تلفزيوني واحد، فيما كل اشتراك إضافي في الوحدة السكنية ذاتها يكلف 2 دولار.
هذه الاشتراكات والأرباح المتوقعة منها، محسوبة على أساس أن كل جيغابايت استهلاك توفّره أوجيرو للمشترك لا يُحسم من استهلاك الإنترنت الخاص به في المنزل. بمعنى آخر، إن الاشتراكات المحصّلة من المشتركين تتضمن كلفة الإنترنت وكلفة الباقة. وبالتالي يصبح حساب تقاسم الإيرادات وكلفة الباقات والإنترنت والأرباح، بين أوجيرو وبين مقدمي الخدمات. وتشير الدراسة إلى أن تقديم الخدمات للعدد المتوقع، يستهلك لكل أسرة 400 جيغابايت شهرياً، ويتوقع أن يزداد الاستهلاك الإجمالي من 57 مليون جيغابايت أول سنة تكون كلفتها 165 ألف دولار، إلى 527 مليون جيغابايت بكلفة 1.5 مليون دولار بعد عشر سنوات.



لماذا تأخّر ديوان المحاسبة في إقرار المشروع؟
في 1/11/2023، أخذ مجلس الوزراء علماً بأن هيئة «أوجيرو» تعتزم تقديم خدمة نقل المحتوى الذي يقع في إطار ما يسمّى «OTT» (تقنية نقل محتوى مختلفة عن الـIPTV لا تتضمن البثّ عبر الأقمار الصناعية أو شبكات الكابل أو سواها) للعموم بالشراكة مع مرخّصي هذا المحتوى ومقدّميه. وعلى مرحلتين كان آخرها في 23/11/2023، طلبت أوجيرو من هيئة الشراء العام رأيها في خصوص إطلاق دعوة للقطاع الخاص الراغب بالتشارك مع الهيئة في تقديم هذه الخدمة على أساس الشراكة في المداخيل وفقاً لنسبة مئوية محدّدة. ثم عُرض الملف على ديوان المحاسبة، حيث ما زال يخضع للدرس منذ مدة طويلة، وسط بروز إشارات متناقضة للموافقة على المشروع أو رفضه.


يُعزى سبب التأخّر في المشروع إلى ما يثيره من شعور بالقلق لدى المنافسين من مقدمي خدمات غير شرعيين، أو حتى من الذين يقدّمون خدمات مرخّصة. فبحسب المعلومات، يحاول هؤلاء التوسّط لدى أوجيرو عبر جهات حزبية من أجل دفعها إلى التخلّي عن المشروع أو عبر «تسوية»، ما يتيح لهم البقاء في السوق بعيداً من أي منافسة. فالشركتان اللتان تتنافسان على تقديم خدمات مماثلة هما «كابل فيجين» و«سمافليكس»، ولكل منهما شبكة تجارية فيها كثير من الخدمات مثل الإنترنت وخدمة المحتوى، سواء بواسطة تقنية IPTV أو بواسطة التقنيات التقليدية مثل الساتلايت، وهما تتنافسان بشراسة دفعتهما إلى رفع دعاوى ضدّ بعضهما البعض. وتقديم هذه الخدمات مبنيّ على الإنترنت، وبالتالي إن بيع خدمة المحتوى التلفزيوني يصبح أكثر سهولة وأكثر ربحاً إذا كان معفى من رسم استهلاك الإنترنت. والاثنان، وفقاً لمصادر مطلعة، يشتبه في أنهما تقدّمان خدمة الإنترنت عبر الشبكات غير الشرعية أو ما يسمى الإنترنت غير الشرعي، أي إنّهما لا تصرّحان عن كامل الزبائن للدولة، مع فرق أن كابل فيجين والشركة الأم التي تملكها «جي دي أس» لديها تراخيص من وزير الاتصالات بمدّ شبكات خاصة بها يمكن بواسطتها نقل كل ما تريد من «داتا» للزبائن مقابل رسوم تدفعها للوزارة.
إزاء هذا الأمر، يبدو أن ديوان المحاسبة ما زال يدرس الملف المعروض عليه من قبل وزارة الاتصالات وهيئة أوجيرو بأن الأخيرة ستقوم بعقد رضائي مقابل إيرادات بالنسبة المئوية بناء على وجود خدمات حصرية لدى مقدمي الخدمات. لكن الديوان لم يحسم رأيه بعد ويصدر القرار بعد.


31%
من المشتريات الرقمية الشهرية حول العالم تُنفَق على الأفلام وخدمة البثّ التلفزيوني عبر الإنترنت

6 دولارات
هو معدل الاشتراك الشهري في الباقات التي يتوقع أن تقدّمها أوجيرو في حال السير بالمشروع، وهذا المستوى من الاشتراكات مدروس ليكون منافساً في السوق بجودة مرتفعة نسبياً لبثّ المحتوى. سيكون سعر الباقة الأساسية 4 دولارات، وسعر الباقة الـ«البريميوم»
8 دولارات (الأساس فيها المحتوى الرياضي)، بالإضافة إلى 2 دولار عن كل جهاز إضافي


شرعية الـOTT
خدمة OTT هي تقنية لبثّ المحتوى لا تشبه التقنيات التقليدية مثل الكابلات أو الأقمار الصناعية لتقديم خدمة نقل وبثّ المحتوى. بواسطة هذه الآلية، يمكن بثّ الفيديو والموسيقى والترفيه وكل ما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن الوصول إليها عبر أجهزة التلفاز الذكية والحواسيب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية. وقد تم اختيار هذه التقنية بدلاً من الـIPTV من أجل تأمين شرعية قانونية للمشروع. إذ إن الفقرة الرابعة من المادة السادسة من المرسوم 9458 تحظّر على المؤسسات العامة والخاصة بيع خدمات تسويق صوتية (VoIP) أو خدمات IPTV أو غيرها، انطلاقاً من أن هذه الخدمات محصورة بوزارة الاتصالات، بينما تتيح الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من المرسوم نفسه استعمال خدمة الـOTT وفقاً لما ورد في رأي هيئة التشريع والاستشارات.