«لولا مراوح الكهرباء لمتنا من الحرارة»، يقول كنجو، شارحاً قبل أن يضيف «المكيّفات ليست موجودة إلا في منازل قليلة في التبانة. كذلك فإن من يشتركون في مولدات كهربائية خاصة، وهم قلة، نظراً إلى تكلفة الاشتراك (60 ألف ليرة لـ5 أومبير)، لا يستطيعون تشغيل المكيّفات عليها».
النساء في منطقة محافظة كالتبانة هنّ الأكثر انزعاجاً من الحرّ
لكن المشكلة تتفاقم في الليل أكثر منها في النهار، إذ ما إن يهبط الليل وينقطع التيار الكهربائي عن المنطقة (التقنين فيها يتراوح بين 4 ـــــ 6 ساعات يومياً على الأقل) حتى يهرب المواطنون من بيوتهم، إما إلى أسطح البنايات، كما فعل أبو بشير الترك، وإما إلى الشرفات التي «يضطر الأولاد إلى النوم على بلاطها لأنها أبرد من النوم على الفراش!».ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد. فالتبانة التي هي أشبه بكتل باطون متلاصقة، حيث لا حدائق ولا أشجار فيها ولا فسحات بين الأبنية، «تتحول البيوت فيها ليلاً إلى أفران، وعندما تنقطع الكهرباء، ولا قدرة لنا على الاشتراك في مولدات خاصة، لا يبقى لنا إلا النزول إلى الشارع في انتظار عودة التيار للرجوع إلى بيوتنا»، على حدّ قول محمد كسار.
نزول السكان في التبانة ليلاً بكثافة لافتة إلى الشوارع هرباً من حر الصيف «جعلنا نظن أن شارع الكسليك قد انتقل إلى هنا»، يعلّق كنجو بسخرية مشوبة بمرارة. لكنّ مصطفى السيّد الذي يملك محلاً صغيراً لبيع العصير والمرطبات في المنطقة، يرى أن «هذه الأجواء حرّكت السوق «شوية»، وذكّرتنا بالتبانة أيام العز قبل الحرب، عندما كانت المنطقة لا تنام في الليل ولا في النهار».
وإذا كانت مصائب قوم عند قوم فوائد، فإن النساء في منطقة محافظة جداً كالتبانة، هنّ الأكثر تضرراً وحرجاً وانزعاجاً من وضع كهذا، إذ عدا عن اضطرارهن إلى ارتداء ملابس تغطي أجسادهن تغطية شبه كاملة لدى خروجهن من منازلهن، فإنهن لا يجدن حرية كافية حتى في بيوتهن تريحهن من قيظ الصيف.
فإحدى السيدات التي فضّلت عدم ذكر اسمها، أشارت إلى أن الرجال والشباب «عندما تنقطع الكهرباء، ليلاً أو نهاراً، يلبسون الشورت والبروتيل ويخرجون إلى البلكون أو إلى الشارع، بينما نحن لا نستطيع أن نفعل ذلك أبداً حتى داخل بيوتنا».