أما تعليقات غالبية الكتّاب الأتراك، فجاءت متحفّظة، إذ دعت خصوصاً إلى أن يكون موقف أنقرة «متوازناً». وفي هذا الإطار، رأى السفير المتقاعد، أولوتش أوزأولكر، أن سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل تزيد من التوتّر في المنطقة، قائلاً إن الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، «يحتاجان كل واحد إلى الآخر لحساباتهما الداخلية». واعترض في الوقت ذاته على تقليص تركيا حجم تجارتها مع إسرائيل، لـ«إرضاء ناخبي حزب العدالة والتنمية»، معتبراً أن تلك السياسات «خطأ»، وداعياً بلاده إلى اتباع سياسات «أكثر توازناً وأكثر حساسيّة كما فعلت تجاه الحرب الروسية - الأوكرانية». وأضاف: «لا يجب على تركيا دعم حماس أكثر من اللازم، لأن العمل على إرضاء الرأي العام الداخلي بخطوات غير متوازنة إقليميّاً يولّد نتائج خطيرة».
جاءت غالبية تعليقات الكتّاب الأتراك المتعلّقة بالرد الإيراني متحفّظة، إذ دعت خصوصاً ليكون موقف أنقرة «متوازناً»
وفي الاتجاه نفسه، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، رمزي تشيتين، أن «إيران وجهت ضربة إلى إسرائيل لتسكين الرأي العام الداخلي. وفي حين كانت الأصوات ترتفع في الداخل (الإسرائيلي) ضدّ نتنياهو، جاءت الضربة (الإيرانية) لتعيد تعويمه». واعتبر المختص في شؤون المنطقة، محمد عاكف أوقور، بدوره، أن «الضربة الإيرانية حملت باباً للارتياح لنتنياهو الذي كانت صورته قد بدأت بالتضرّر». ووفقاً للكاتب أوسان أويمير، فإن «على إيران وإسرائيل أن تمتنعا عن إشعال حرب إقليمية، كما على تركيا ألا تكون طرفاً في الأحداث التي تجري وعليها أن تركز على ضمان أمنها القومي».
لكن الكاتب في صحيفة «جمهورييات»، محمد علي غولر، اعتبر أن الرد الإيراني جاء في إطار القانون الدولي الذي انتهكته إسرائيل في هجومها على القنصلية الإيرانية في دمشق؛ فالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تعطيها الحقّ في الدفاع عن النفس. وقال: «لم يكن هدف إيران فتح حرب، بل الرد على اعتداء. وكان يجب أن يبقى الردّ العسكري في حدود معينة حتى لا يعطى نتنياهو ذريعة لما قد يقوم به، وأن تظهر إيران حدود قدرتها على الرد، وهو ما فعلته، بعدما لم تعطِ نتنياهو ما يريد ويرغب فيه، أي فتح حرب واسعة تشارك فيها الولايات المتحدة». ولفت الكاتب إلى أن «إيران أَظهرت أنها قادرة على الوصول إلى كل نقطة في إسرائيل، بينما الأخيرة لا تستطيع فعل الشيء نفسه ضدّ طهران، نظراً إلى اتّساع الجغرافيا الإيرانية»، مضيفاً أن «الأهمّ ليس في ضرب إسرائيل، بل في اختراق الحصانة الإسرائيلية التي مصدرها الولايات المتحدة. ولذلك، فإن نظام الحماية الذي أنشأته الولايات المتحدة عام 1979، ويعمل منذ 45 سنة، قد تعرّض لتصدّع كبير».
أمّا المختص في الشؤون الدولية، صولي أوزيل، فرأى أن الردّ الإيراني كان حتميّاً، لكن «تم تصميم الرقصات بشكل جيّد يخدم إيران، بعدما أتيحت الفرصة أمام الأخيرة لـ«اختبار أسرار أنظمة الدفاع الجوي لدى خصمها عبر هجومها المحدود والمحسوب جيداً، وهذا يعتبر مكسباً إستراتيجيّاً لإيران». وأضاف أن «الهجوم الإيراني يمكن أن يحفّز على تحقيق السلام. لكن إذا لم يتمّ حلّ القضية الفلسطينية، فإن غزة ستتحوّل إلى مستنقع للإرهاب، وهذا قد يصل إلى المجتمعات الغربية حيث الجاليات الإسلامية والعربية».