ويلفت القيادي إلى أن «السوداني حاول معالجة حرجه مع واشنطن، باعتبار أن هناك اتفاقات مسبقة تتعلّق بحماية الجنود والمستشارين، وذلك عبر اللوذ بإيران للضغط على الفصائل، ولكن هناك إصراراً لدى فصائل عراقية على ديمومة إرباك الأميركيين عبر هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على القواعد التي تستضيفهم». ويضيف إن «بعض قيادات الفصائل ومنهم أمين عام حركة النجباء، الشيخ أكرم الكعبي، زاروا الجمهورية الإسلامية، للحديث عن دور المقاومة وعملها في العراق ضدّ الوجود الأميركي، وعقدوا هناك اجتماعات مع قيادات في الحرس الثوري».
من جانبه، يؤكد عضو المكتب السياسي في «حركة النجباء»، حيدر اللامي، أن «موقف الحركة واضح منذ البداية، وهو إعلان الحرب ضد الوجود الأميركي، ولا تراجع أو مهادنة مع الاحتلال، بل صار تنفيذ الهجمات ضد القوات الأميركية واجباً شرعياً وأخلاقياً وشعبياً».
السوداني سمع من الخامنئي أن طهران لا تعطي أوامر للمقاومة العراقية
ويشير اللامي، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «بلينكن، وهو إسرائيلي الهوى، أراد من وراء زيارته السعي إلى عدم توسيع الحرب، فضلاً عن أنه كان يحمل رسائل تهديد ووعيد للمقاومة، وهذا ليس جديداً علينا، بعد وضْعنا على قائمة الإرهاب سابقاً وفرض عقوبات علينا. ولكن هذه الأساليب لم تردعنا عن المقاومة، وموقفنا ثابت حتى خروج المحتل». ويعترف بأن «رئيس الحكومة مُلزم باتفاقات مع التحالف الدولي، وقد فاتحنا سابقاً طالباً عدم تكرار الهجمات، لكن السيد الخامنئي أبلغه بأن هذه مواقف شعبية، ونحن نمثّل الشعب العراقي ونرفض الاحتلال الأميركي». ويلفت إلى «أننا فوجئنا بمواقف بعض المسؤولين من داخل الحكومة، والتي تسوّغ وجود الأميركيين كاستشاريين. لكن في الواقع تُدار من تلك القواعد، عمليات عسكرية خاصة تهدّد أمن العراق ودول الجوار».
ويكشف اللامي أن «الأمين العام لحركة النجباء، رفض سابقاً اللقاء مع ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جنين بلاسخارت، لكن طلب منا نحن في المكتب السياسي للحركة اللقاء معها لمعرفة ماذا تريد. وقد لمّحت في حديثها إلى ضرورة عدم توسيع دائرة الحرب في المنطقة، كما أنها نقلت تهديداً ضمنياً من واشنطن باستهداف المقاومة». ولا ينكر «وجود اختلاف في وجهات النظر بين الأطراف السياسية التابعة للإطار وقوى المقاومة الإسلامية، وهذا الاختلاف نابع من أن الحكومة تريد الحفاظ على الاستقرار والالتزام بالمسار الديبلوماسي والقانوني». ويختم بالقول إن «وجهة نظرنا تختلف عن موقف الحكومة، إذ نتعامل نحن مع أميركا بلغة القوة لأنها هي تؤمن بها، وتريد إخضاع العراق لمصالحها».
وما زاد الأمر تعقيداً بالنسبة إلى السوداني، هو تحرّكات «التيار الصدري» التي انطلقت في مناسبة زيارة بلينكن، ويُتوقّع أن تستمر وصولاً إلى تحقيق الهدف الذي وضعه زعيم التيار، مقتدى الصدر، والمتمثّل في إغلاق السفارة الأميركية في بغداد وطرد السفيرة، آلينا رومانوسكي، احتجاجاً على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، وسط ما أثاره ذلك الموقف من تكهنات بإمكانية عودة التيار إلى العمل السياسي بعد ابتعاده عنه. وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي، رافد العطواني، لـ «الأخبار»، إن «التيار الصدري يتعامل حتى هذه اللحظة بطريقة ديبلوماسية وسياسية مع الحكومة والبرلمان رغم عدم الاستجابة لدعوته، ولكنني أعتقد أنه قد يصعّد من موقفه في قادم الأيام، وقد يتطوّر الموضوع إلى صدام خشن مع القوات الأميركية وتحرّكات في محيط السفارة الأميركية». ويشير العطواني إلى أن «هناك أنباء تشير إلى أن أكثر من وفد ذهب إلى مقر الصدر في الحنانة، ولا نعرف طبيعة هذه الوفود التي حاولت إقناع الصدر بالتخلّي عن مطلبه. وتفيد بعض المعلومات بأن هنالك أطرافاً دولية اشتركت في تلك الوفود. ولم نعرف طبيعة ردّ الصدر عليها».