أعيدَ الحديث، خلال الأيام القليلة الماضية، عن نيّة كلّ من السويد وفنلندا الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي»
وفي سياق متصل، أجرى بوتين محادثات مع الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، ناقشا خلالها تشكيل «فضاء دفاعي واحد وقضايا أمنية» لدولة الاتحاد. وفي المؤتمر الصحافي المشترك بينهما، أكد بوتين أن «ما يحدث في أوكرانيا مأساة، لكن روسيا لم يكن أمامها خيار». وحول المفاوضات مع كييف، اعتبر بوتين أن «البرنامج البيلاروسي مناسب تماماً لمزيد من الاتصالات». وعلى صعيد آخر، أشار الرئيس الروسي إلى أن اعتماد الروبل في مدفوعات الغاز مع مينسك يقلّل من التأثير السلبي للعقوبات الغربية، بما في ذلك على بيلاروس، ورأى أن على موسكو ومينسك تعزيز اندماجهما في الوقت الذي أطلق فيه الغرب العنان لحرب عقوبات شاملة، مضيفاً أن روسيا وبيلاروس نفّذتا بالفعل أكثر من ثلث خطط التكامل المخطّط لإنجازها بحلول نهاية العام 2023. من جهته، اعتبر الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، أنه لو تأخّرت روسيا في إطلاق عمليتها العسكرية في أوكرانيا، «لكانت أراضيها قد تعرّضت لضربة قاضية». وحول ما حصل في بوتشا، اتّهم لوكاشينكو لندن بالوقوف وراء ذلك «الاستفزاز»، عادّاً إيّاه «عملية خاصة بريطانية»، مبدياً استعداد مينسك لتقديم مواد للتحقيق.
ميدانياً، تُواصل موسكو حشد قواتها على جبهة دونباس، في انتظار ساعة الصفر للسيطرة الكاملة على الإقليم، بحدوده الجغرافية المعترَف بها وفق دستور جمهوريتَي لوغانسك ودونيتسك. أمّا على جبهة مدينة ماريوبول، فقد اقتربت القوات الروسية و«الشعبية» من السيطرة الكاملة على المدينة الاستراتيجية الواقعة على بحر آزوف، حيث ضيّقت المساحة التي تتواجد فيها قوات البحرية الأوكرانية، بعد إحكامها سيطرتها على ميناء المدينة. وعلى خلفية ذلك، نشر اللواء 36 من مشاة البحرية الأوكرانية بياناً على الإنترنت، أكد فيه أن اللواء يواجه خطر التدمير الكامل.
في هذا الوقت، أعيدَ الحديث، خلال الأيام القليلة الماضية، عن نيّة كلّ من السويد وفنلندا الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي»، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية قيام الأخير بنشر منظومات أسلحة هجومية في هاتين الدولتين، مُوجَّهة ضدّ روسيا، فضلاً عن دمج كامل بنيتهما التحتية العسكرية والأمنية ومجمّعات التصنيع الحربية فيهما، ضمن منظومة «الناتو» الحربية. وفي حال تَحقّق هذا السيناريو، قد تعمد روسيا إلى تسخير إمكانيات الردع والإنذار المبكر المتوافرة في ترسانتها العسكرية، لردع ذلك التهديد. وبحسب الخبير العسكري، إيغور كوروتشينكو، فإن روسيا ستنشر أسلحة تكتيكية نووية في المنطقة العسكرية الغربية من أراضيها، كما ستزوّد بها تشكيلات أسطولَي بحر البلطيق والشمال، في إجراء يستهدف الحدّ من القدرات الهجومية لـ«الناتو»، خصوصاً أن تصدّي روسيا للتفوّق «الأطلسي» في إجمالي عدد القوات وأنظمة التسليح التقليدية، غير ممكن إلّا بهذه الطريقة غير التقليدية فقط. وبذا، فإن المخرج الوحيد من الوضع غير المتوازن الماثل أمام الروس، هو تعزيز دفاعات حدودهم الغربية، بتزويد قوّاتهم بمنظومات صاروخية تكتيكية نووية متوسّطة وقصيرة المدى، تُوجَّه نحو دول «الناتو» التي يأتي منها الخطر الحقيقي، لا سيما في ظلّ استمرار التطنيش الغربي للمطالب والهواجس الروسية.