امتلاك نادر الحريري 4% من بنك الاعتماد الوطني، وانتخابه رئيساً لمجلس الإدارة أتى بعدما خضع المصرف لدراسة في لجنة الرقابة على المصارف أشرفت عليها رئيسة اللجنة مايا دباغ. تقول المصادر إن دباغ تشدّدت في التعامل مع هذا المصرف لجهة تخمين خسائره وأصوله. تبيّن أن ميزانيته فيها ثلاثة أنواع من الخسائر: سندات اليوروبوندز، ديون القطاع الخاص المشكوك بتحصيلها، فروقات القطع. طلبت اللجنة تسديد الخسائر بالدولار الحقيقي وليس بالدولار المحلي. وتم تقدير الخسائر بنحو 200 مليار ليرة فوق الرساميل القائمة والبالغة 70 مليون دولار. وفرضت اللجنة على المساهمين الالتزام بأن يضخّوا أموالاً في المصرف تغطّي الخسائر المتوقعة في الميزانية وإعادة تكوين رأس المال. التزم المساهمون، ومن ضمنهم الحريري، بأن يضخّوا مبلغ الـ 200 مليار ليرة، وفوقها 200 مليون دولار. يتوقع أن تغطّي هذه الأموال كل المؤونات المطلوبة لإطفاء الخسائر ويبقى منها نحو 200 مليون دولار ستكون رأس مال المصرف «النظيف».
استقال مجلس الإدارة ليحلّ محلّه نادر الحريري رئيساً وتامر عبدوني ونضال إبراهيم عضوين
بالتوازي مع عملية «التنظيف»، انطلقت عملية إعادة هيكلة في بنية المساهمين كان بنتيجتها خروج خالد زيدان نهائياً من المصرف وفق اتفاق مسبق معه، ودخول مساهمَين جديدين سيحملان حصصاً تمثيلية على الأغلب: تامر عبدوني ونضال إبراهيم. الأول كان يعمل في لجنة الرقابة على المصارف، والثاني كان يعمل في ميريل لينش. وهناك حديث عن دخول مساهمين جدد؛ من ضمنهم امرأة يتم التفاوض معها حالياً. وبدخول المساهمين الجدد، استقال أعضاء مجلس الإدارة السابق الذي كان يفترض أن تنتهي ولايته في حزيران 2022، وانتُخب الحريري رئيساً وعبدوني وإبراهيم عضوين لفترة انتقالية تمتدّ حتى حزيران 2022.
كلفة «التنظيف» الزهيدة نسبياً قد تبرّر الرغبة في امتلاك مصرف في عزّ الأزمة الحالية. غير أن المشكلة تكمن في طبيعة الأعمال التي سيقوم بها المصرف الناشئ «النظيف» من الخسائر. فالمصارف العاملة في لبنان اعتادت تحقيق الأرباح المضمونة من الاستثمار في الدين العام. هذا الأمر قد لا يكون متاحاً في الفترة المقبلة. فضلاً عن أن أيّ إصلاح جدّي قد يفرض على المصارف سقوفاً محدّدة في تركّز التوظيفات في القطاع العام، سواء في سندات الدين أو في ودائع لدى مصرف لبنان. كسل المصارف لم يعد «مصلحة» مربحة، وهذا ما يدفع أيّ مصرف إلى العمل كوسيط مالي. لذا، يدرس القيّمون على بنك الاعتماد الوطني خطّة عمل لا تشمل القيام بالاستثمار في الدين العام ولا بتمويل عمليات التجزئة، بل في تمويل التجارة بشكل أساسي، ولا سيّما في الأسواق التي توجد فيها جاليات لبنانية.
من صفرا إلى عيتاني ــــ الحريري
آلت ملكية بنك الاعتماد الوطني إلى عيتاني والحريري بعد كثير من المحاولات الفاشلة السابقة. في عام 2010، اشترى لطفي الزين وصالح الصقري 90% من أسهم المصرف الذي تأسس في 1929 باسم يعقوب صفرا، من عبد الله تماري وأندريه بولس بقيمة 35 مليون دولار. بعد بضعة أشهر، عرض رئيس مجلس إدارة المصرف مروان إسكندر على نقابة المهندسين أن تشتري ثلث المصرف بمبلغ 16 مليون دولار، لكن الصفقة فشلت لأن النقيب عاصم سلام تصدّى للأمر باعتبار أن لا مصلحة للنقابة في شراء بنك لا سلطة لها عليه، فضلاً عن استنزاف أموال صندوق التقاعد باستثمار يعدّ خاسراً في ذلك الوقت. الزين رهن أسهمه في بنك بيروت، فحاول هذا الأخير شراءها منه في عام 2017. ويقال إن بهاء الحريري حاول أكثر من مرّة شراء هذا المصرف باعتباره مدخلاً زهيد الثمن إلى القطاع المصرفي في لبنان، لكن ملكية المصرف انتهت بيد هشام عيتاني ونادر الحريري في 2018 بصفقة بلغت قيمتها 23 مليون دولار. وافقت لجنة الرقابة على المصارف بعد التزام المساهمين الجدد بزيادة رأس المال إلى 60 مليون دولار. تحققت هذه الزيادة بالإضافة إلى ضخّ مقدمات نقدية بالدولار بقيمة 5 ملايين دولار ليصبح مجموع الأموال الخاصة نحو 70 مليون دولار.