مقالات مرتبطة
-
القلق سيد الموقف في كواليس «الحياة» زكية الديراني
فضّل غسّان شربل عدم التعليق لـ«الأخبار» على الموضوع. لكنّ أحد الزملاء المقرّبين أكّد لـ«الأخبار» أنّ علاقته بناشر «الحياة» خالد بن سلطان «لا تزال جيدة جداً. لكنّه بدأ يشعر، منذ فترة بأنّه أمضى سنوات طويلة في المنصب نفسه». جاء شربل إلى «دار الحياة» من جريدة «الشرق الأوسط» التي يعود إليها اليوم، في عام 1993، وعمل نائباً لرئيس تحرير مجلّة «الوسط» التي كانت تصدرها الدار. ثم خلف زميله جورج سمعان في رئاسة تحريرها، بعد انتقال الأخير إلى رئاسة تحرير «الحياة». وعاد شربل فخلف سمعان على رأس جريدة «الحياة» في عام 2004. وقد أسرّ شربل لأكثر من صديق بأنّ «تجربته في «الحياة» استنفدت، وربّما من الأفضل إفساح المجال لشاب قد يحمل رؤية مختلفة وينتمي إلى مدرسة مغايرة». لم تتحقق أمنياته تماماً، بعد إعلان اسم خلفه في سدّة رئاسة التحرير، لكن من يدري؟
طبعاً، بمعزل عن أجواء غسان شربل، لا يستطيع المراقب المتمهّل لوضع الصحافة الورقيّة، وتحديداً المشاريع العربيّة الجامعة التي يموّلها الخليج، أن يعزل الاستقالة عن سياقها: فالمعروف أن «الحياة» تعاني مصاعب ماليّة منذ سنوات، إضافة إلى تراجع المكانة التي كانت تحتلّها هذه الصحيفة في المشهد الإعلامي العربي قبل عقدين. ومع خروج صاحبها وناشرها من الدائرة الحاكمة في السعوديّة اليوم، تراجعت حماسته واهتماماته، وكذلك استعداده لتحمّل الأعباء الماليّة الضخمة، والخسارات المتراكمة لهذا المشروع الإعلامي الموزّع بين لندن والرياض وبيروت. وكان الأمير خالد قد عيّن نجله فهد مسؤولاً عن الصحيفة، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، أي في الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقة «الحياة» الثانية. وخرجت وعود بالتحسين والتطوير… من دون أي نتائج ملموسة، حتّى إن العاملين في لندن يؤكدون أن رواتبهم لم تتحرّك، ولو بالحد الأدنى الذي هو مؤشر غلاء المعيشة حسب القوانين البريطانيّة.
وفي كانون الأوّل (ديسمبر) من العام الماضي، تأكّدت الأنباء المتداولة منذ سنوات، عن إغلاق المقرّ الرئيسي في العاصمة البريطانية مع نهاية عام 2016، تمهيداً لهدمه وبناء برج أو اثنين مكانه للاستخدام التجاري. على أن يتمّ الاستغناء عن الجزء الأكبر من المحررين والموظّفين، في لندن وبيروت، بعد وقف صدور النسخة الورقيّة، والاكتفاء بموقع إلكتروني يحمل اسم «الحياة»، وقد تم تعزيز هذا الموقع تدريجاً، ومركزه الحالي في دبي. تأخّرت الإجراءات المذكورة لفترة، بسبب البحث عن آليات الصرف وحجم التعويضات، لكن شبح الإقفال لا يزال يخيّم على الجميع… ما يجعل من مغادرة شربل مؤشراً سلبياً يزيد من القلق لدى زميلاتنا وزملائنا في لندن وبيروت. ويبدو أن غسّان شربل لم يكن مرتاحاً لهذه الخطة، لأنّه لا يحبّذ الذهاب إلى دبي، كما أنّ دوره رئيساً للتحرير «لم يعد مضموناً»، فضلاً عن أنّ الموقع الإلكتروني لـ«الحياة» المستحدث في دبي منذ نحو أربع سنوات، تابع مباشرة لمكتب رئيس مجلس إدارة شركة «مَكْشَف» (الشركة الأمّ لـ«دار الحياة») العميد السعودي المتقاعد عايض الجعيد. وهناك زميل مقرّب ـــ طلب عدم ذكر اسمه طبعاً ـــ عبّر عن ذلك القلق بقوله: «بدهائه الاستباقي المعروف، يقفز غسّان من السفينة قبل غرقها»! بعدما فقد الأمل بإمكان تحسين مستوى الصحيفة أو تطويرها أو حتى المحافظة على مستواها الحالي، فيما أدرك أنّها آيلة حتماً إلى الإغلاق أو التحوّل كلياً إلى الشبكة العنكبوتية.
في الوقت الذي يلف فيه الغموض والسرية والقلق مصير زملائنا وزميلاتنا في «الحياة» (راجع مقال الزميلة زكية الديراني على الموقع)، هل يسعنا أن نتفاءل على الأقل بوصول غسّان شربل المعروف بكفاءته ومهنيّته، إلى موقع قيادي في «الشرق الأوسط»؟ هل نراهن على الدور الذي سيلعبه في إعادة الاعتبار إلى المهنيّة، وترجيح كفّتها على حساب البروباغاندا والتحريض الطائفي اللذين أغرقا هذه الجريدة الناطقة باسم النظام السعودي، وتحديداً منذ اندلاع الأزمة السورية؟