وكان لافتاً أمس أن الجانب السوري لم يُظهر عودة السفارة الإماراتية بوصفها حدثاً غير اعتيادي. إذ أوفدت وزارة الخارجية السورية مدير المراسم لديها حمزة دواليبي، واكتفت بإصدار بيان مقتضب نُشر عبر صفحتها على «فايسبوك»، يشير إلى أن القائم بالأعمال بالنيابة في السفارة الإماراتية، عبد الحكيم النعيمي، باشر مهام عمله من مقر السفارة. وكذلك فعلت وكالة «سانا» الرسمية التي نقلت بيان وزارة الخارجية الإماراتية. وعقب الافتتاح الرسمي، دعا دواليبي، كما السفير العراقي في سوريا سعد محمد رضا، إلى عودة سفارات جميع البلدان العربية إلى دمشق. وفي المقابل، حاول التعليق الإماراتي الرسمي، عدا بيان وزارة الخارجية، وضع إطار «عربيّ» يبرر خطوة أبو ظبي. وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، أن القرار «يأتي بعد قراءة متأنية للتطورات، ووليد قناعة أن المرحلة المقبلة تتطلب الحضور والتواصل العربي مع الملف السوري حرصاً على سوريا وشعبها وسيادتها ووحدة أراضيها». وأضاف في تغريدة عبر «تويتر»، أن «الدور العربي في سوريا أصبح أكثر ضرورة تجاه التغوّل الإقليمي الإيراني والتركي»، موضحاً أن الإمارات تسعى اليوم عبر حضورها في دمشق إلى تفعيل هذا الدور، وأن تكون الخيارات العربية حاضرة، وأن تساهم إيجاباً تجاه إنهاء ملف الحرب وتعزيز فرص السلام والاستقرار».
حطّت أمس طائرة مدنية سورية في تونس للمرة الأولى منذ العام 2012
التحرك الإماراتي اللافت لا يعني الإمارات وحدها فقط، بل يأتي ضمن سياق أوسع مدعوم بمبادرات وجهود روسية، كانت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير، واحدة من محطاته. ففي موازاة الدعوات الشعبية والبرلمانية في بعض الدول العربية لإعادة العلاقات مع سوريا، تحدثت أوساط عدة عن جهود مستمرة، على أعلى المستويات الرسمية، لدعوة الجانب السوري إلى القمة العربية التي تستضيفها تونس في آذار المقبل. وينتظر أن تشكّل القمة الاقتصادية العربية، التي تستضيفها بيروت في كانون الثاني، منصّة لنقاش عربي واسع حول إعادة سوريا إلى الجامعة العربية عبر قمة تونس المنتظرة. وبينما تتحدث أنباء عن نيّة البحرين اقتفاء خُطى الإمارات، أفادت أوساط روسية بأن البحث جار بين سوريا والأردن، لرفع التمثيل الديبلوماسي في السفارة الأردنية لدى دمشق، خلال المرحلة المقبلة. وكشفت أن هناك «أجواء إيجابية» في شأن تعيين سفير أردني جديد، إلا أنها أكدت أن هناك «عراقيل سياسية» ينبغي العمل على تخطيها أولاً.
وجاءت خطوة أبو ظبي بعد أيام فقط على زيارة رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، إلى مصر، وأنباء عن قرب زيارة وفد أمني مصري إلى دمشق، لبحث ملفات عدة بينها مصير مناطق شرق الفرات بعد الإعلان الأميركي عن انسحاب مرتقب من سوريا. وكانت أوساط «مجلس سوريا الديموقراطية» قد أكدت وجود اتصالات مع مصر لتيسير المحادثات بين المجلس ودمشق. ومن شأن فتح قنوات التواصل المباشرة بين دمشق وأبو ظبي، ومن خلفها بقية القوى العربية، أن تساعد في حلحلة عقد هذا الملف، خصوصاً أن الإمارات والسعودية كانتا قد تعهدتا بتغطية جزء كبير من كلفة تأهيل مناطق سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، وهما تملكان نفوذاً مهماً هناك.
وفي موازاة تلك التطورات، وفي خطوة غير رسمية، حطّت أمس طائرة مدنية سورية في مطار الحبيب بورقيبة الدولي في تونس، قادمة من دمشق للمرة الأولى من نوعها منذ العام 2012. وضمّت الرحلة التي تتبع شركة «أجنحة الشام» 143 مسافراً سورياً، حجزوا لقضاء عطلة في تونس، بمبادرة من «جمعية الجالية السورية في تونس»، التي نظّمت الحدث بالتعاون مع شخصيات وفعاليات تونسية، وعدد من وكلاء السفر في سوريا.